لمن آمن واتقى، والشقاوة من الله تبارك وتعالى لمن كذب وعصى (1).
أقول: يستفاد منه أنه حق القول والقضاء من الله أن المؤمن والمتقي يسعد بدخول الجنة، كما أن من كذب وعصى يشقى بالعذاب، فإن العذاب على من كذب وتولى. ثم اعلم أن اختلاف السعيد والشقي - وبعبارة أخرى الطيب والخبيث - بالعرض لا بالذات، فإن أصل الأشياء الماء، كما تقدم في " أصل " و " خلق ".
ويأتي في " شيئا " و " موه ".
يظهر من أخبار الطينة والميثاق وأخبار عرض الولاية وأخبار بدء الخلق أنه عرض الولاية على الماء، فما قبل صار عذبا فراتا، وما لم يقبل، صار ملحا أجاجا.
فالأصل الماء والاختلاف بالعرض. وصرح الرضا (عليه السلام) في رواية عمران الصابي المذكورة في " خلق ": أنه خلق خلقا مختلفا بأعراض وحدود مختلفة - الخ، وله تعالى في ذلك كله بأن يمحوه من الأشقياء ويكتبه في السعداء ويكون عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله فيدخلوا في الأشقياء. نعوذ بالله من سوء العاقبة.
وفي الروايات المستفيضة الواردة في بيان خلقة الإنسان في الرحم أنه إذا تمت الأربعة أشهر، بعث الله عز وجل ملكين خلاقين فيقولان: يا رب، ما تخلق؟
قال: فيوحي الله تعالى ما يريد من ذلك ذكرا أو أنثى، مؤمنا أو كافرا، أسود أو أبيض، شقيا أو سعيدا، وأحواله وما يصيبه من صحة أو عافية أو بلاء ومرض وأجله والميثاق الذي أخذه منه في عالم الذر، ويكتبانه بين عينيه، ويقول الله تعالى لهما: اشترطا لي البداء في ذلك كله. ويعرف ذلك كله المتوسمون وهم الأئمة (عليهم السلام)، فإذا نظروا إلى كل أحد يرون ما قدر له ويعلمون ذلك. وهذه الروايات في البحار (2). وتقدم في " بدء " ما يتعلق بذلك، وكذا في " وسم ".
فمما ذكرنا ظهر معنى النبوي المشهور: " الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد