رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٠

____________________
وقس على هذا، فالتفكر موجب لتنور القلب وخروجه عن الغفلة، وأصل الجميع الخيرات (1).
وقال المحقق الطوسي قدس سره: التفكر سير الباطن من المبادئ إلى المقاصد، وهو قريب من النظر، ولا يرتقي أحد من النقص إلى الكمال إلا بهذا السير، ومبادؤه الآفاق والأنفس، بأن يتفكر في أجزاء العالم وذراته، وفي الأجرام العلوية من الأفلاك والكواكب وحركاتها وأوضاعها ومقاديرها واختلافاتها ومقارناتها وتأثيراتها وتغييراتها، وفي الأجرام السفلية وترتيبها وتفاعلها وكيفياتها ومركباتها ومعدنياتها وحيواناتها، وفي أجزاء الإنسان وأعضائه من العظام والأعصاب والعضلات والعروق وغيرها مما لا يحصى كثرة، ويستدل بها وبما فيها من المصالح والمنافع والحكم على كمال الصانع وحكمته وعلمه وقدرته وعدم ثبوت ما سواه، وبالجملة:
التفكر فيما ذكر ونحوه من حيث الخلق والحكمة والمصالح أثره العلم بوجود الصانع وقدرته، ومن حيث تغيره وانقلابه وفنائه بعد وجود أثره الانقطاع عنه والتوجه بالكلية إلى الخالق الحق، (2) انتهى.
وهو أعظم العبادات قدرا وأشرفها أثرا وأفخمها رتبة وأرفعها درجة، ولذلك وقع الأمر به في مواضع كثيرة من القرآن المجيد، ووردت به أخبار عديدة عن سيد المرسلين وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
كقوله عليه السلام: تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة (3).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: التفكر يدعو إلى البر والعمل به (4).

(١) بحار الأنوار: ج ٧١ ص ٣١٩ نقلا عنه.
(٢) بحار الأنوار: ج ٧١ ص ٣١٩ نقلا عن المحقق الطوسي.
(٣) مفاتيح الغيب: ص ٣٠٢ و ٦٥٢، مجمع البحرين: ج ٣ ص ٤٤٤، وفيه:
ستين سنة.
(٤) الكافي: ج ٢ ص ٥٥ ح 5.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست