____________________
كسبيا لما أمر به، ولأنا نرى كثيرا من الناس يزاولون ويمارسون خلقا من الأخلاق حتى يصير ملكة.
وقال بعضهم: الحق أن أصله غريزي وتمامه مكتسب. وبيانه: أن الله تعالى خلق الأشياء على ضربين:
أحدهما: بالفعل، ولم يجعل للعبد فيه عملا، كالسماء والأرض والهيئة.
والثاني: بالقوة، وهو ما خلقه خلقا ما وجعل فيه قوة، ورشح الإنسان لإكماله وتغيير حاله، وإن لم يرشحه لتغيير ذاته، كالنوى الذي جعل فيه قوة النخل، وسهل للإنسان سبيلا أن يجعله بعون الله نخلا وأن يفسده إفسادا.
قال: والخلق من الإنسان يجري هذا المجرى في أنه لا سبيل للإنسان إلى تغيير القوة التي هي السجية والغريزة، وجعل له سبيلا إلى إسلاسها، ولهذا قال تعالى: «وقد خاب من دساها» (1)، ولو لم يكن كذلك لبطلت فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولما جوز العقل أن يقال: للعبد: لم فعلت؟ ولم تركت؟ وكيف يكون هذا في الإنسان ممتنعا وقد وجدناه في بعض البهائم ممكنا؟ فالوحشي قد ينقل بالعادة إلى التأنس والجامح إلى السلاسة، لكن الناس في غرائزهم مختلفون، فبعضهم جبل جبلة سريعة القبول، وبعضهم بطيئة القبول، وبعضهم في الوسط، وكل لا ينفك من أثر قبول وإن قل.
ومن هنا ما ورد في الأدعية من طلب التوفيق لمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وفي الأحاديث من الأمر بها والحث عليها.
قال الراغب: وأرى أن من منع (2) تغيير الخلق فإنه اعتبر القوة نفسها، وهذا صحيح، فإن النوى محال أن ينبت الإنسان منه تفاحا، ومن أجاز تغييره فإنه اعتبر
وقال بعضهم: الحق أن أصله غريزي وتمامه مكتسب. وبيانه: أن الله تعالى خلق الأشياء على ضربين:
أحدهما: بالفعل، ولم يجعل للعبد فيه عملا، كالسماء والأرض والهيئة.
والثاني: بالقوة، وهو ما خلقه خلقا ما وجعل فيه قوة، ورشح الإنسان لإكماله وتغيير حاله، وإن لم يرشحه لتغيير ذاته، كالنوى الذي جعل فيه قوة النخل، وسهل للإنسان سبيلا أن يجعله بعون الله نخلا وأن يفسده إفسادا.
قال: والخلق من الإنسان يجري هذا المجرى في أنه لا سبيل للإنسان إلى تغيير القوة التي هي السجية والغريزة، وجعل له سبيلا إلى إسلاسها، ولهذا قال تعالى: «وقد خاب من دساها» (1)، ولو لم يكن كذلك لبطلت فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولما جوز العقل أن يقال: للعبد: لم فعلت؟ ولم تركت؟ وكيف يكون هذا في الإنسان ممتنعا وقد وجدناه في بعض البهائم ممكنا؟ فالوحشي قد ينقل بالعادة إلى التأنس والجامح إلى السلاسة، لكن الناس في غرائزهم مختلفون، فبعضهم جبل جبلة سريعة القبول، وبعضهم بطيئة القبول، وبعضهم في الوسط، وكل لا ينفك من أثر قبول وإن قل.
ومن هنا ما ورد في الأدعية من طلب التوفيق لمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وفي الأحاديث من الأمر بها والحث عليها.
قال الراغب: وأرى أن من منع (2) تغيير الخلق فإنه اعتبر القوة نفسها، وهذا صحيح، فإن النوى محال أن ينبت الإنسان منه تفاحا، ومن أجاز تغييره فإنه اعتبر