وفعله وهو قوله عليه الصلاة والسلام: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر، ومن استجمر، فليوتر خرجه مالك فموطئه، والبخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة.
المسألة الرابعة من تحديد المحال: اتفق العلماء، على أن غسل الوجه بالجملة من فرائض الوضوء لقوله تعالى: * (فاغسلوا وجوهكم) * واختلفوا منه في ثلاثة مواضع:
في غسل البياض الذي بين العذار والاذن، وفي غسل ما انسدل من اللحية، وفي تخليل اللحية. فالمشهور من مذهب مالك أنه ليس البياض الذي بين العذار والاذن من الوجه، وقد قيل في المذهب بين الأمرد والملتحي فيكون في المذهب ثلاثة أقوال. وقال أبو حنيفة والشافعي هو من الوجه وأما ما انسدل من اللحية، فذهب مالك إلى وجوب إمرار الماء عليه، ولم يوجبه أبو حنيفة، ولا الشافعي في أحد قوليه. وسبب اختلافهم في هاتين المسألتين هو خفاء تناول اسم الوجه لهذين الموضعين، أعني: هل يتناولهما، أو لا يتناولهما؟ وأما تخليل اللحية، فمذهب مالك أنه ليس واجبا، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الوضوء وأوجبه ابن عبد الحكم من أصحاب مالك. وسبب اختلافهم في ذلك اختلافهم في صحة الآثار التي ورد فيها الامر بتخليل اللحية، والأكثر على أنها غير صحيحة مع أن الآثار الصحاح التي ورد فيها صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام ليس في شئ منها التخليل.
المسألة الخامسة من التحديد: اتفق العلماء على أن غسل اليدين والذراعين من فروض الوضوء لقوله تعالى: * (وأيديكم إلى المرافق) * واختلفوا في إدخال المرافق فيها، فذهب الجمهور ومالك والشافعي وأبو حنيفة إلى وجوب إدخالها وذهب بعض أهل الظاهر، وبعض متأخري أصحاب مالك، والطبري إلى أنه لا يجب إدخالها في الغسل، والسبب في اختلافهم في ذلك الاشتراك الذي في حرف إلى، وفي اسم اليد في كلام العرب وذلك أن حرف إلى مرة يدل في كلام العرب على الغاية، ومرة يكون بمعنى مع، واليد أيضا في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان: على الكف فقط، وعلى الكف والذراع، وعلى الكف والذراع والعضد، فمن جعل إلى بمعنى مع، أو فهم من اليد مجموع الثلاثة الأعضاء أوجب دخولها في الغسل، ومن فهم من إلى الغاية، ومن اليد ما دون المرفق، ولم يكن الحد عنده داخلا في المحدود، لم يدخلهما في الغسل، وخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنه غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم اليسرى