له الافطار فيه، لم يوجب عليهم كفارة، وذلك أن كل واحد من هؤلاء قد كشف الغيب أنه أفطر في يوم جاز له الافطار فيه، ومن اعتبر الاستهانة بالشرع أوجب عليه الكفارة، لأنه حين أفطر، لم يكن عنده علم بالإباحة، وهو مذهب مالك، والشافعي. ومن هذا الباب إيجاب مالك القضاء فقط على من أكل، وهو شاك في الفجر، وإيجابه القضاء، والكفارة على من أكل، وهو شاك في الغروب على ما تقدم من الفرق بينهما. واتفق الجمهور: على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء: أعني رمضان، إلا قتادة، فإنه أوجب عليه القضاء، والكفارة. وروي عن ابن القاسم، وابن وهب أن عليه يومين قياسا على الحج الفاسد. وأجمعوا: على أن من سنن الصوم تأخير السحور، وتعجيل الفطر لقوله عليه الصلاة والسلام لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور وقال:
تسحروا فإن في السحور بركة وقال عليه الصلاة والسلام: فصل ما بين صيامنا، وصيام أهل الكتاب أكلة السحر. وكذلك جمهورهم على أن من سنن الصوم، ومرغباته كف اللسان عن الرفث والخنا لقوله عليه الصلاة والسلام إنما الصوم جنة، فإذا أصبح أحدكم صائما، فلا يرفث، ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه، فليقل إني صائم وذهب أهل الظاهر إلى أن الرفث يفطر، وهو شاذ. فهذه مشهورات ما يتعلق بالصوم المفروض من المسائل، وبقي القول في الصوم المندوب إليه، وهو القسم الثاني من هذا الكتاب.