معينة وأنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص لما أكثر الصيام: أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام؟ قال: فقلت: يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك، قال: خمسا قلت:
يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك قال: سبعا قلت: يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك، قال تسعا، قلت: يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك قال أحد عشر قلت يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: لا صوم فوق صيام داود، شطر الدهر صيام يوم وإفطار يوم. وخرج أبو داود أنه كان يصوم يوم الاثنين، ويوم الخميس وثبت أنه لم يستتم قط شهرا بالصيام غير رمضان، وأن أكثر صيامه كان في شعبان. وأما الأيام المنهي عنها: فمنها أيضا متفق عليها، ومنها مختلف فيها، أما المتفق عليها، فيوم الفطر، ويوم الأضحى لثبوت النهي عن صيامهما. وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت والنصف الآخر من شعبان وصيام الدهر، أما أيام التشريق، فإن أهل الظاهر، لم يجيزوا الصوم فيها وقوم أجازوا ذلك فيها، وقوم كرهوه، وبه قال مالك إلا أنه أجاز صيامها لمن وجب عليه الصوم في الحج، وهو المتمتع وهذه الأيام هي الثلاثة الأيام التي بعد يوم النحر. والسبب في اختلافهم: تردد قوله عليه الصلاة والسلام في أنها أيام أكل وشرب بين أن يحمل على الوجوب، أو على الندب، فمن حمله على الوجوب قال: الصوم يحرم، ومن حمله على الندب قال: الصوم مكروه، ويشبه أن يكون من حمله على الندب، إنما صار إلى ذلك، وغلبه على الأصل الذي هو حمله على الوجوب، لأنه رأى أنه إن حمله على الوجوب عارضه حديث أبي سعيد الخدري الثابت بدليل الخطاب، وهو أنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يصح الصيام في يومين: يوم الفطر من رمضان، ويوم النحر.
فدليل الخطاب يقتضي أن ما عدا هذين اليومين يصح الصيام فيه، وإلا كان تخصيصهما عبثا، لا فائدة فيه. وأما يوم الجمعة: فإن قوما لم يكرهوا صيامه، ومن هؤلاء مالك وأصحابه، وجماعة، وقوم كرهوا صيامه إلا أن يصام قبله، أو بعده. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في ذلك، فمنها حديث ابن مسعود أن النبي (ص) كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، قال: وما رأيته يفطر يوم الجمعة وهو حديث صحيح. ومنها حديث جابر أن سائلا سأل جابرا: أسمعت رسول الله (ص) نهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم؟ قال: نعم ورب هذا البيت خرجه مسلم. ومنها حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله، أو يصوم بعده خرجه أيضا مسلم فمن أخذ بظاهر حديث ابن مسعود، أجاز صيام يوم الجمعة مطلقا، ومن أخذ بظاهر حديث جابر، كرهه مطلقا، ومن أخذ بحديث أبي هريرة، جمع بين الحديثين، أعني حديث جابر، وحديث ابن مسعود. وأما يوم الشك: فإن جمهور العلماء على النهي عن صيام يوم الشك على أنه من رمضان، لظواهر الأحاديث التي يوجب مفهومها تعلق الصوم بالرؤية، أو بإكمال العد إلا