وأحمد وقال قوم: لا كفارة عليه، وبه قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي. وسبب اختلافهم: هل تقاس الكفارات بعضها على بعض أم لا؟ فمن لم يجز القياس في الكفارات قال: إنما عليه القضاء فقط، ومن أجاز القياس في الكفارات قال: عليه الكفارة قياسا على من أفطر متعمدا، لان كليهما مستهين بحرمة الصوم: أما هذا، فبترك القضاء زمان القضاء، وأما ذلك، فبالأكل في يوم لا يجوز فيه الأكل، وإنما كان يكون القياس مستندا لو ثبت أن للقضاء زمانا محدودا بنص من الشارع، لان أزمنة الأداء، هي محدودة في الشرع. وقد شذ قوم، فقالوا: إذا اتصل مرض المريض حتى يدخل رمضان آخر أنه لا قضاء عليه، وهذا مخالف للنص. وأما إذا مات، وعليه صوم، فإن قوما قالوا: لا يصوم أحد عن أحد. وقوم قالوا: يصوم عنه وليه، والذين لم يوجبوا الصوم قالوا: يطعم عنه وليه، وبه قال الشافعي. وقال بعضهم: لا صيام، ولا إطعام، إلا أن يوصي به، وهو قول مالك. وقال أبو حنيفة: يصوم، فإن لم يستطع أطعم وفرق قوم بين النذر، والصيام المفروض، فقالوا: يصوم عنه وليه في النذر، ولا يصوم عنه في الصيام المفروض.
والسبب في اختلافهم: معارضة القياس للأثر، وذلك أنه ثبت عنه من حديث عائشة أنه قال عليه الصلاة والسلام من مات وعليه صيام، صام عنه وليه خرجه مسلم، وثبت عنه أيضا من حديث ابن عباس أنه قال: جاء رجل إلى النبي (ص)، فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها؟ قال:
نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء فمن رأى أن الأصول تعارضه، وذلك أنه كما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يتوضأ أحد عن أحد، كذلك لا يصوم أحد عن أحد، قال: لا صيام على الولي. ومن أخذ بالنص في ذلك وقال بإيجاب الصيام عليه، ومن لم يأخذ بالنص في ذلك، قصر الوجوب على النذر، ومن قاس رمضان عليه، قال: يصوم عنه في رمضان. وأما من أوجب الاطعام، فمصيرا إلى قراءة من قرأ * (وعلى الذين يطيقونه فدية) * الآية ومن خير في ذلك، فجمعا بين الآية، والأثر فهذه هي أحكام المسافر، والمريض من الصنف الذين يجوز لهم الفطر، والصوم فهذه هي أحكام المسافر والمريض من الصنف الذين يجوز لهم الفطر والصوم. وأما باقي هذا الصنف، وهو المرضع، والحامل، والشيخ الكبير، فإن فيه مسألتين مشهورتين: إحداهما: الحامل، والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما؟ وهذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب: أحدها: أنهما يطعمان، ولا قضاء عليهما، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس.
والقول الثاني: أنهما يقضيان فقط، ولا إطعام عليهما، وهو مقابل الأول. وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه وأبو عبيد، وأبو ثور. والثالث: أنهما يقضيان، ويطعمان، وبه قال الشافعي.
والقول الرابع: أن الحامل تقضي، ولا تطعم، والمرضع تقضي وتطعم. وسبب اختلافهم:
تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم، وبين المريض فمن شبههما بالمريض قال: