أبو حنيفة: يصلى عليه إذا نفخ فيه الروح، وذلك أنه إذا كان له في بطن أمه أربعة أشهر فأكثر، وبه قال ابن أبي ليلى. وسبب اختلافهم في ذلك: معارضة المطلق للمقيد، وذلك أنه روى الترمذي عن جابر بن عبد الله عن النبي (ص) أنه قال: الطفل لا يصلى عليه، ولا يرث، ولا يورث حتى يستهل صارخا وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث المغيرة بن شعبة أنه قال: الطفل يصلى عليه. فمن ذهب مذهب حديث جابر قال: ذلك عام، وهذا مفسر، فالواجب أن يحمل ذلك العموم على هذا التفسير فيكون معنى حديث المغيرة أن الطفل يصلى عليه إذا استهل صارخا، ومن ذهب مذهب حديث المغيرة قال: معلوم أن المعتبر في الصلاة، هو حكم الاسلام والحياة، والطفل إذا تحرك، فهو حي، وحكمه حكم المسلمين، وكل مسلم حي إذا مات صلي عليه، فرجحوا هذا العموم على ذلك الخصوص لموضع موافقة القياس له. ومن الناس من قال:
لا يصلى على الأطفال أصلا وروى أبو داود: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يصل على ابنه إبراهيم، وهو ابن ثمانية أشهر وروى فيه: أنه صلى عليه، وهو ابن سبعين ليلة.
واختلفوا في الصلاة على الأطفال المسبيين، فذهب مالك في رواية البصريين عنه عقل الاسلام، سواء سبي مع والديه، أو لم يسب معهما وأن حكمه حكم أبويه إلا أن يسلم الأب، فهو عنده تابع له دون الأم. ووافقه الشافعي على هذا إلا أنه إن أسلم أحد أبويه فهو عنده تابع لمن أسلم منهما، لا للأب وحده على ما ذهب إليه مالك. وقال أبو حنيفة: يصلى على الأطفال المسبيين، وحكمهم حكم من سباهم وقال الأوزاعي: إذا ملكهم المسلمون صلي عليهم: يعني إذ بيعوا في السبي.
قال: وبهذا جرى العمل في الثغر، وبه الفتيا فيه. وأجمعوا على أنه إذا كانوا مع آبائهم، ولم يملكهم مسلم، ولا أسلم أحد أبويهم أن حكمهم حكم آبائهم. والسبب في اختلافهم:
اختلافهم في أطفال المشركين، هل هم من أهل الجنة، أو من أهل النار؟ وذلك أنه جاء في بعض الآثار أنهم من آبائهم أي أن حكمهم حكم آبائهم، ودليل قوله عليه الصلاة والسلام: كل مولود يولد على الفطرة أن حكمهم حكم المؤمنين. وأما من أولى بالتقديم للصلاة على الجنازة؟ فقيل: الولي، وقيل الوالي: فمن قال الوالي شبهه بصلاة الجمعة من حيث هي صلاة جماعة، ومن قال: الولي، شبهها بسائر الحقوق التي الولي أحق بها، مثل مواراته، ودفنه، وأكثر أهل العلم على أن الوالي بها أحق، قال أبو بكر بن المنذر: وقدم الحسين بن علي سعيد بن العاص وهو والي المدينة، ليصلي على الحسن بن علي، وقال: لولا أنها سنة ما تقدمت، قال أبو بكر: وبه أقول. وأكثر العلماء على أنه لا يصلى إلا على الحاضر وقال بعضهم: يصلى على الغائب، لحديث النجاشي والجمهور على أن ذلك خاص بالنجاشي وحده. واختلفوا هل يصلى على بعض الجسد؟ والجمهور