إيجاب السجود مطلقا ليس يقتضي وجوبه مقيدا، وهو عند القراءة: أعني قراءة آية السجود، قال: ولو كان الامر كما زعم أبو حنيفة، لكانت الصلاة تجب عند قراءة الآية التي فيها الامر بالصلاة، وإذا لم يجب ذلك، فليس يجب السجود عند قراءة الآية التي فيها الامر بالسجود من الامر بالسجود. ولأبي حنيفة أن يقول: قد أجمع المسلمون على أن الأخبار الواردة في السجود عند تلاوة القرآن، هي بمعنى الامر، وذلك في أكثر المواضع، وإذا كان ذلك كذلك، فقد ورد الامر بالسجود مقيدا بالتلاوة أعني عن التلاوة، وورد الامر به مطلقا، فوجب حمل المطلق على المقيد، وليس الامر في ذلك بالسجود كالأمر بالصلاة، فإن الصلاة قيد وجوبها بقيود أخر، وأيضا فإن النبي عليه الصلاة والسلام قد سجد فيها، فبين لنا بذلك معنى الامر بالسجود الوارد فيها: أعني أنه عند التلاوة، فوجب أن يحمل مقتضى الامر في الوجوب عليه. وأما عدد عزائم سجود القرآن، فإن مالكا قال في الموطأ: الامر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شئ وقال أصحابه: أولها:
خاتمة الأعراف. وثانيها: في الرعد عند قوله تعالى: * (بالغدو والآصال) * وثالثها: في النحل عند قوله تعالى: * (ويفعلون ما يؤمرون) * ورابعها: في بني إسرائيل عند قوله تعالى: * (ويزيدهم خشوعا) * وخامسها: في مريم عند قوله تعالى: * (خروا سجدا عند قوله تعالى: * (إن الله يفعل ما يشاء) * وسابعها: في الفرقان عند قوله تعالى: * (وزادهم نفورا) * وثامنها: في النمل عند قوله تعالى:
* (ر ب العرش العظيم) * وتاسعها: في آلم تنزيل عند قوله تعالى: * (وهم لا يستكبرون) * وعاشرها: في ص عند قوله تعالى: * (وخر راكعا وأناب) * والحادية عشر: في حم تنزيل عند قوله تعالى: * (إن كنتم إياه تعبدون) * وقيل عند قوله تعالى: * (وهم لا يسأمون) * وقال الشافعي: أربع عشرة سجدة ثلاث منها في المفصل: في الانشقاق، وفي النجم، وفي * (اقرأ باسم ربك) *، ولم ير في ص سجدة، لأنها عنده من باب الشكر. وقال أحمد: هي خمس عشرة سجدة أثبت فيها الثانية من الحج، وسجدة ص.
وقال أبو حنيفة: هي اثنتا عشرة سجدة قال الطحاوي: وهي كل سجدة جاءت بلفظ الخبر. والسبب في اختلافهم: اختلافهم في المذاهب التي اعتمدوها في تصحيح عددها،