حرما من دم أو مال فهو حرام والأصل في ذلك التحريم حتى يأتي الحلال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " وبالله تعالى التوفيق * 2155 مسألة ما أصابه الباغي من دم أو مال اختلف الناس فيما أصابوه في حال القتال من دم أو مال أو فرج فقال أبو حنيفة. ومالك. والشافعي. وبعض أصحابنا: لا يؤاخذون بشئ من ذلك ولا قود في الدماء ولا دية ولا ضمان فيما أتلفوه من الأموال الا أن يوجد بأيديهم شئ قائم مما أخذوه فيرد إلى أصحابه، وقال الأوزاعي ان كانت الفئتان إحداهما باغية والأخرى عادلة في سواد العامة فامام الجماعة المصلح بينهما يأخذ من الباغية على الأخرى ما أصابت منها بالقصاص في القتلى والجراحة كما كان أمر تينك الفئتين اللتين نزل فيهما القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى الولاة * قال أبو محمد رحمه الله: وقال بعض أصحابنا: القصاص عليهم وضمان ما أتلفوا كغيرهم فلما اختلفوا وجب أن ننظر في ذلك لنعم الحق فنتبعه بمن الله تعالى وطوله فوجدنا من قال: لا يؤاخذون بشئ يحتجون من طريق عبد الرزاق عن معمر أخبرني الزهري ان سليمان بن هشام كتب إليه يسأله عن امرأة خرجت من عند زوجها وشهدت على قومها بالشرك ولحقت بالحرورية فتزوجت فيهم ثم إنها رجعت إلى قومها ثانية فكتب إليه أما بعد فان الفتنة الأولى ثارت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا كثير فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحد حدا في فرج استحلوه بتأويل القرآن الا ان يوجد شئ بعينه فيرد إلى صاحبه واني أرى ان ترد إلى زوجها وان يحد من افترى عليها * ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري قال هاجت ريح الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فاجتمع رأيهم على أنه لا يقاد ولا يودي ما أصيب على تأويل القرآن الا ما يوجد بعينه، وعن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا التفت الفئتان فما كان بينهما من دم أو جراحة فهو هدر ألا تسمع إلى قوله تعالى: (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) الآية حتى فرغ منها، قال: فكل طائفة ترى الأخرى باغية.
قال أبو محمد رحمه الله: ما نعلم لهم شبهة غير هذا وهذا ليس بشئ لوجهين، أحدهما انه منقطع لان الزهري رحمه الله لم يدرك تلك الفتنة ولا ولد الا بعدها ببضع عشرة سنة، والثاني انه لو صح كما قال لما كان هذا الا رأيا من بعض الصحابة لا نصا ولا اجماعا منهم ولا حجة في رأي بعضهم دون بعض وإنما افترض الله تعالى علينا أهل الاسلام اتباع القرآن وما صح عن النبي عليه السلام أو ما أجمعت عليه الأمة ولم