نقيسه على المحارب قلنا: المحارب المقدور عليه يقتل ان رأى الامام ذلك قبل تمام الحرب وبعدها بلا خلاف في أن حكمه في كلا الامرين سواء، وأيضا فليس يختلف أحد في أن حكم الباغي غير حكم المحارب، وبالتفريق بين حكمها جاء القرآن * قال أبو محمد رحمه الله: واختلفوا أيضا في الاجهاز على جرحاهم والقول فيهم كالقول في الاسراء سواء لان الجريح إذا قدر عليه فهو أسير، وأما ما لم يقدر عليه وكان ممتنعا فهو باغ كسائر أصحابه، وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال قال علي بن أبي طالب: لا يذفف على جريح ولا يقتل أسير ولا يتبع مدبر، وكان لا يأخذ مالا لمقتول يقول: من اعترف شيئا فليأخذه * ومن طريق عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن جويبر قال: أخبرتني امرأة من بني أسد قالت: سمعت عمارا بعد ما فرغ علي من أصحاب الجمل ينادي لا تقتلن مدبرا ولا مقبلا. ولا تذففوا على جريح ولا تدخلوا دارا ومن ألقى السلاح فهو آمن كالمأسور قد قدرنا أن نصلح بينه وبين المبغي عليه بالعدل وهو أن نمنعه من البغي بان نمسكه ولا ندعه يقاتل وكذلك الجريح إذا قدرنا عليه، ونص هذه الآية يقتضي تحريم دم الأسير ومن قدر عليه لان فيها ايجاب الاصلاح بينهما - نعني الباغي والمبغى عليه - ولا يجوز ان يصلح بين حي وميت وإنما يصلح بين حيين فصح تحريم دم الأسير ومن قدر عليه من أهل البغي بيقين * واختلفوا هل يجوز اتباع مدبرهم؟ فقالت طائفة: لا يتبع المدبر منهم أصلا، وقال آخرون: أن كانوا تاركين للقتال جملة منصرفين إلى بيوتهم فلا يحل اتباعهم أصلا وأن كانوا منحازين إلى فئة أو لائذين بمعقل يمتنعون فيه أو زائلين عن الغالبين لهم من أهل العدل إلى مكان يأمنونهم فيه لمجئ الليل أو ببعد الشقة ثم يعودون إلى حالهم فيتبعون * قال أبو محمد رحمه الله: وبهذا نقول لأنه نص القرآن لان الله تعالى افترض عليا قتالهم حتى يفيئوا إلى امر الله تعالى فإذا فاؤا حرم علينا قتلهم وقتالهم فهم إذا أدبروا تاركين لبغيهم راجعين إلى منازلهم أو متفرقين عما هم عليه فبتركهم البغي صاروا فائين إلى أمر الله فإذا فاؤا إلى امر الله فقد حرم قتلهم وإذا حرم قتلهم فلا وجه لاتباعهم ولا شئ لنا عندهم حينئذ، وأما إذا كان أدبارهم ليتخلصوا من غلبة أهل الحق وهم باقون على بغيهم فقتالهم باق علينا بعد لأنهم لم يفيئوا بعد إلى أمر الله تعالى، فان احتج محتج بما ناه عبد الله بن أحمد الطلمنسكي نا أحمد بن مفرج نا محمد بن أيوب الصموت الرقي نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار نا محمد بن معمر نا عبد الملك بن عبد العزيز
(١٠١)