هل يعقل الحلفاء بعضهم عن بعض أم لا وليس في هذا الخبر شئ من هذا المعنى وما معنى بقاء الحلف إذا قلنا: معناه ظاهر وهو أن يكونوا معهم كأنهم منهم فإذا غزوا غزوا معهم وإذا كانت لهم حاجة تكلموا فيها كما يتكلم الأهل وما أشبه ذلك، وأما ايجاب غرامة فلا، وقد روينا من طريق مسلم نا أبو جعفر بن محمد بن الصباح انا حفص بن غياث نا عاصم الأحول قال: قيل لانس بن مالك بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين قريش والأنصار في داره، وفي حديث آخر لمسلم عن أنس في داره بالمدينة * قال علي رحمه الله: فهذا أعظم حجة في ابطال أن يعقل الحليف عن حليفه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين قريش والأنصار ولاحلف أقوى وأشد من حلف عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو عقل الحلفاء عن الحليف لوجب أن تعقل قريش عن الأنصار والأنصار عن قريش وهذا ما لا يقولونه * قال أبو محمد رحمه الله: فواجب أن نطلب معرفة الوقت الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلف في الاسلام فذكر عن عمر بن الخطاب من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال: ان كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود. وكل حلف كان بعد الحديبية فهو منقوض لان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وادع قريشا يوم الحديبية كتب عليه السلام حينئذ بينه وبينهم أنه من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها دخل ومن أحب أن يدخل في عهد محمد صلى الله عليه وسلم وعقده دخل وقضى عثمان أن كل حلف كان قبل الهجرة فهو جاهلي ثابت وكل حلف كان بعد الهجرة فهو في الاسلام وهو مفسوخ قضى بذلك في قوم من بني بهز من بني سليم، وقضى علي بن أبي طالب ان كل حلف كان قبل نزول لإيلاف قريش فهو جاهلي ثابت وكل حلف كان بعد نزولها فهو اسلامي مفسوخ لان من حالف ليدخل في قريش بعد نزول لإيلاف قريش ممن لم يكن منهم لم يكن بذلك داخلا فيهم قضى في ذلك في حلف ربيعة العقيلي في جعفي وهو جد إسحاق بن مسلم العقيلي، وقال ابن عباس: كل حلف كان قبل نزول (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) إلى قوله (فآتوهم نصيبهم) فهو مشدود وكل حلف كان بعد نزولها فهو مفسوخ، فوجب أن ننظر في الصحيح من ذلك، فأما قول عثمان رضي الله عنه ان حد انقطاع الحلف إنما هو أول وقت الهجرة فلا يصح لان انسا روى كما ذكرنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حالف بين قريش والأنصار بالمدينة، ولا يشك أحد في أن هذا الحلف كان بعد الهجرة، وأما قول عمر رضي الله عنه في تحديده انقطاع الحلف بيوم الحديبية فهذا
(٦١)