الظن لا يغني من الحق شيئا) ثم نظرنا في تقسيم أبي حنيفة. ومالك ومراعاة مالك ثلث دية المرأة إذا كانت هي الجانية أو ثلث دية الرجل إذا كان هو الجاني، ومراعاة أبي حنيفة نصف عشر الدية في المجني عليه خاصة رجلا كان أو امرأة فوجدناهما تقسيمين لم يسبق أبا حنيفة إلى تقسيمه في ذلك أحد نعلمه ولا سبق مالكا في تقسيمه هذا أحد نعلمه، ولئن جاز لأبي حنيفة. ومالك أن يقولا قولا برأيهما لا يعرف له قائل قبلهما فما حظر الله تعالى قط ذلك على غيرهما ولا أباح لهما من ذلك ما لم يبحه لكل مسلم دونهما لا سيما من قال بما أوجبه القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان من صوب لمالك. ولأبي حنيفة قولا بالرأي لم يعرف ان أحدا قال به قبلهما (1) ثم أنكر على من قال متبعا لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم قولا لم يأت عن أحد قبله أنه قال به ولاصح اجماع بخلافه فما ترك للباطل شغبا، ثم نظرنا في قول من قال: ما كان ثلث الدية فصاعدا فعلى العاقلة وما كان أقل من ثلث الدية فعلى قوم الجاني خاصة فوجدناه لا حجة له فيه فسقط، ثم نظرنا فيما حكاه أبو الزناد من أن الحكم في ذلك إنما هو على ما ائتلفت عليه القبائل وتراضت به فقط فوجدناه مخبرا عن حقيقة الحكم في هذه المسألة، وصح باخبار أبي الزناد أن هذا أمر لا سنة فيه وإنما هو تراض فقط فهذا لا يجوز الحكم به قطعا في دين الله تعالى، ثم نظرنا في قول من قال: ان العاقلة تحمل القليل والكثير فوجدنا حجتهم ان قالوا: لما حملت الدية بالنص والاجماع كان حملها لبعض الدية وللقليل أولى إذ من حمل الكثير وجب أن يحمل القليل، وهذا قياس والقياس كله باطل * قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا وصح أنها آراء مجردة لا سنة في شئ من ذلك ولا اجماع وجب الرجوع إلى ما افترض الله تعالى عند التنازع فوجدنا الله تعالى يقول:
(ولا تكسب كل نفس إلا عليها) الآية، وقال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " فوجب أن لا تلزم العاقلة غرامة أصلا إلا حيث أوجبها النص والاجماع، وقد صح النص بايجاب دية النفس في الخطأ عليها وصح النص بايجاب الغرة الواجبة في الجنين على العاقلة أيضا ولم يأت نص ولا اجماع بأن تلزم غرامة في غير ما ذكرنا فوجب أن لا يجب عليها غرامة لم يوجبها الله تعالى ولا رسوله عليه السلام، ولا يصح فيها كلمة عن صاحب (2) أصلا، وإنما فيها آثار عن اثنى عشر من التابعين مختلفين غير متفقين، فصح أنها