متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم، وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ولم يحارب المسلمين ولا أعانهم عليهم ولم يجد في المسلمين من يجيره فهذا لا شئ عليه لأنه مضطر مكره، وقد ذكرنا أن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب كان عازما على أنه ان مات هشام بن عبد الملك لحق بأرض الروم لان الوليد بن يزيد كان نذر دمه ان قدر عليه وهو كان الوالي بعد هشام فمن كان هكذا فهو معذور، وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والصين والترك والسودان والروم من المسلمين فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر أو لقلة مال أو لضعف جسم أو لامتناع طريق فهو معذور، فإن كان هنالك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها وهو كالذمي لهم وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم فما يبعد عن الكفر وما نرى له عذرا ونسأل الله العافية، وليس كذلك من سكن في طاعة أهل الكفر من الغالية ومن جرى مجراهم لان أرض مصر والقيروان وغيرهما فالاسلام هو الظاهر وولاتهم على كل ذلك لا يجاهرون بالبراءة من الاسلام بل إلى الاسلام ينتمون وان كانوا في حقيقة أمرهم كفارا، وأما من سكن في أرض القرامطة مختارا فكافر بلا شك لأنهم معلنون بالكفر وترك الاسلام ونعوذ بالله من ذلك، وأما من سكن في بلد تظهر فيه بعض الأهواء المخرجة إلى الكفر فهو ليس بكافر لان اسم الاسلام هو الظاهر هنالك على كل حال من التوحيد والاقرار برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والبراءة من كل دين غير الاسلام وإقامة الصلاة وصيام رمضان وسائر الشرائع التي هي الاسلام والايمان والحمد لله رب العالمين، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا برئ من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين " يبين ما قلناه وانه عليه السلام إنما عنى بذلك دار الحرب وإلا فقد استعمل عليه السلام عماله على خيبر وهم كلهم يهود، وإذا كان أهل الذمة في مدائنهم لا يماذجهم غيرهم فلا يماذجهم غيرهم فلا يسمى الساكن فيهم لامارة عليهم أو لتجارة بينهم كافرا ولا مسيئا بل هو مسلم محسن ودارهم دار اسلام لا دار شرك لان الدار إنما تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها، ولو أن كافرا مجاهدا غلب على دار من دور الاسلام وأقر المسلمين بها على حالهم الا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير الاسلام لكفر بالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه وان ادعى أنه مسلم لما ذكرنا، وأما من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين أو على اخذ أموالهم أو سبيهم فان كانت يده هي الغالبة
(٢٠٠)