يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) استثناء منقطع مما قبله في قوله. (آخرين) وعلى كل حال فقد سقط حكم النفاق على أولئك إن كان هكذا. (فان قيل). فإن كان الامر كما قلتم ان في قوله تعالى. (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) انه في قوم من الكفار غير أولئك فحسبنا انه تعالى قد سمى أولئك الراجعين منافقين فصاروا معروفين قيل له وبالله تعالى التوفيق، قد قلنا إن النفاق قسمان قسم لمن يظهر الكفر ويبطن الايمان وقسم لمن يظهر غير ما يصر فما سوى الدين ولا يكون بذلك كافرا، وقد قيل لابن عمر. انا ندخل على الامام فيقضي بالقضاء فنراه جورا فنمسك فقال. انا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هذا نفاقا فلا ندري ما تعدونه أنتم وقد ذكرنا قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. " ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا وان صلى وان صام وقال إني مسلم " فإذ الامر كذلك فلا يجوز ان نقطع عليهم بالكفر الذي هو ضد الاسلام الا بنص ولكنا نقطع عليهم بما قطع الله تعالى به من اسم النفاق والضلالة والاركاس وخلاف الهدى ولا نزيد ولا نتعدى ما نص الله تعالى عليه بآرائنا وبالله تعالى التوفيق، وقال الله تعالى. (بشر المنافقين بان لهم عذابا أليما) إلى قوله. (أجرا عظيما) * قال أبو محمد. اما هؤلاء فمنافقون النفاق الذي هو الكفر فلا شك لنصه تعالى على أنهم مذبذبون لا إلى المؤمنين ولا إلى المجاهرين بالكفر في نار جهنم وانهم أشد عذابا من الكفار بكونهم في الدرك الأسفل من النار ولكن ليس في شئ من هذه الآيات كلها انه عليه السلام عرفهم بأعيانهم وعرف نفاقهم إذ لا دليل على ذلك فلا حجة فيها لمن ادعى انه عليه السلام عرفهم وعرف نفاقهم، ثم لو كان ذلك لكان قوله تعالى.
(ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار) إلى قوله تعالى. (أجرا عظيما) موجبا لقبول توبتهم إذا تابوا وهم قد أظهروا التوبة والندم والاقرار بالايمان بلا شك فبطل عنهم بهذا حكم النفاق جملة في الدنيا وبقي باطن أمرهم إلى الله تعالى، وهذه الآية تقضي على كل آية فيها نص بأنه عليه السلام عرف منافقا بعينه وعرف نفاقه قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى بعضهم) إلى قوله تعالى.
(فأصبحوا خاسرين) * قال أبو محمد رحمه الله: فأخبر الله تعالى عن قوم يسارعون في الذين كفروا حذرا أن تصيبهم دائرة وأخبر تعالى عن الذين آمنوا انهم يقولون للكافرين: (أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم لمعكم) يعنون الذين يسارعون فيهم قال الله تعالى: (حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) فهذا لا يكون الا خبرا عن قوم أظهروا