ذلك وأنه على الحقيقة يظن أنه لم يسرق وليس في هذا تلقين له ولا دليل على أن الستر أفضل فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة * وأما حديث مسلم في الاجهاد فلا حجة فيه لوجهين، أحدهما أنه من رواية محمد بن عبد الله بن أخي الزهري وهو ضعيف، والثاني أنه لو صح لما كانت لهم فيه حجة أصلا لان الاجهاد المذكور إنما هو ما ذكره المرء مفتخرا به لأنه ليس في هذا الخبر انه يخبر به الامام معترفا ليقام عليه كتاب الله تعالى وإنما فيه ذم المجاهرة بالمعصية وهذا لا شك فيه حرام، ثم نظرنا في حديث مسلم الذي رواه ابن شهاب عن أبي سلمة. وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرض عن المعترف مرات " فوجدناه صحيحا لا داخلة فيه لاحد الا أنه لا حجة لهم فيه لان الناس في سبب اعراض رسول الله صلى الله عليه وآله عنه على قولين فطائفة قالت:
إنما أعرض عنه لان الاقرار بالزنا لا يتم الا بتمام أربع مرات، وطائفة قالت:
إنما أعرض عنه عليه السلام لأنه ظن أن به جنونا أو شرب خمر ولم يقل أحد من الأمة ان الحاكم إذا ثبت عنده الاقرار بالحد جاز له أن يستره ولا يقيمه فبطل تعلقهم بهذا الخبر وسنستقصي الكلام في تصحيح أحد هذين الوجهين بعد هذا إن شاء الله تعالى * قال أبو محمد: فلم يبق (1) لهذه الطائفة خبر يتعلقون به أصلا، ثم نظرنا (2) فيما روي في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم فوجدناه أيضا لا يصح منه شئ أما الرواية عن أبي بكر. وعمر رضي الله عنهما في قولهما للأسلمي: استتر بستر الله فلا تصح لأنها عن سعيد بن المسيب مرسلة، وكذلك حديث إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن يزيد عن محمد بن عبد الرحمن أن أبا بكر فهو مرسل * قال أبو محمد: ثم نظرنا فيما احتجت به طائفة الأخرى فوجدنا الرواية عن الصحابة أن الطائفة منهم قالت: ما توبة أفضل من توبة ماعز جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده وقال: اقتلني بالحجارة، فصح هذا من قول طائفة عظيمة من الصحابة رضي الله عنهم بل لو قلنا: إنه لا مخالف لهذه الطائفة من الصحابة رضي الله عنهم لصدقنا لان الطائفة الأخرى لم تخالفها وإنما قالت: لقد هلك ماعز لقد أحاطت به خطيئته فإنما أنكروا أمر الخطيئة لا أمر الاعتراف فوجدنا تفضيل الاعتراف لم يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلافه * ثم نظرنا فيما احتجوا به من الآثار فوجدناها في غاية الصحة والبيان لان رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد توبة ماعز