السلطان في ذلك فليس بشئ وتقدم السلطان لا يوجب غرامة لم يوجبها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما السلطان منفذ للواجب على من امتنع فقط وليس شارعا شريعة، وأما قول مالك فخطأ أيضا لأنه ليس علم المقتني للكلب (1) بأنه يفترس الناس بموجب (2) عليه غرامة لم يوجبها القرآن ولا السنة وهو وإن كان متعديا باقتنائه فإنه لم يباشر شيئا في الذي اتلفه الكلب، وهكذا من آوى رجلا قتالا محاربا فجنى جناية فهو وإن كان متعديا بايوائه إياه فليس مباشرا عدوانا في المصاب، وكل هذا باب واحد وليس قياسا ولكن خصومنا يقولون بقوله ويخالفونه في ذلك العمل نفسه فإذا جمعنا لهم القولين لاح لهم تناقضهم فيها فعلى هذا نورد مثل هذه المسائل لا على أنها حجة قائمة بنفسها وإنما الحجة في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جرح العجماء جبار " وبالله تعالى التوفيق * روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا عباد بن العوام عن حجاج عن قتادة عن كعب بن سوار أن رجلا كان على حمار فاستقبله رجل على بعير في زقاق فنفر الحمار فصرع الرجل فأصابه شئ فلم يضمن كعب بن سوار صاحب البعير شيئا * قال أبو محمد: وهذا كما قلنا، وعن سفيان الثوري عن طارق قال: كنت عند شريح فأتاه سائل فقال: اني دخلت دار قوم فعقرني كلبهم وخرق جرابي فقال: ان كنت دخلت باذنهم فهم ضامنون وان كنت دخلت بغير اذنهم فليس عليهم شئ * وعن الشعبي قال: إذا كان الكلب في الدار فأذن أهل الدار للرجل فعقره الكلب ضمنوا وان دخل بغير اذن فعقره فلا ضمان عليهم، وأيما قوم غشوا غنما في مرابضها فعقرتهم الكلاب فلا ضمان على أصحاب الغنم وان عرضت لهم الكلاب في الطريق فعقرتهم الكلاب في الطريق ضمنوا * وأما المتأخرون فان أبا حنيفة. وسفيان الثوري.
والحسن بن حي. والشافعي. وأبا سليمان قالوا: من كان في داره كلب فدخل انسان باذنه أو بغير اذنه فقتله الكلب فلا ضمان في ذلك، وكذلك قال ابن أبي ذئب، وقد روى الواقدي نحو هذا عن مالك، وروى عنه ابن وهب: أنه قال إن أتخذ الكلب وهو يدري أنه يعقر الناس ضمن وأنه ان لم يعلم ذلك لم يضمن إلا أن يتقدم إليه السلطان * قال أبو محمد: اشتراط تقدم السلطان أو علمه بأنه عقور لا معنى له لأنه لم يوجب (3) هذا نص قرآن ولا سنة ولا اجماع، فان قيل: إنه باتخاذه الكلب