ثمنا وأنفسها عند أهلها " والقصد من العتق تكميل الأحكام من الولاية والجمعة والحج والجهاد وسائر الأحكام التي تختلف بالرق والحرية ولا يحصل ذلك إلا باعتاق جميعه، وهذا التفضيل والله أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم للغالية إنما يكون مع التساوي في المصلحة فأما ان ترجح بعضهم بدين وعفة وصلاح ومصلحة له في العتق بأن يكون مضرورا بالرق فله صلاح في العتق وغيره له مصلحة في الرق ولا مصلحة له في العتق وربما تضرر به من فوات نفقته وكفالته ومصالحه وعجزه بعد العتق عن الكسب وخروجه عن الصيانة والحفظ فإن اعتاق من كثرت المصلحة في اعتاقه أفضل وأولى وان قلت قيمته ولا يسوغ اعتاق من في اعتاقه مفسدة لأن مقصود الموصي تحصيل الثواب والاجر ولا أجر في اعتاق هذا، ولا يجوز أن يعتق الا رقبة مسلمة لأن الله تعالى لما قال (فتحرير رقبة) لم يتناول الا المسلمة ومطلق كلام الآدمي محمول على مطلق كلام الله تعالى، ولا يجوز اعتاق معيبة عيبا يمنع الاجزاء في الكفارة لما ذكرنا والله أعلم (فصل) ونقل المروذي عن أحمد فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر يجزأ ثلاثة أجزاء جزأ في الجهاد وجزأ يتصدق به في قرابته وجزأ في الحج، وقال في رواية أبي داود الغزو يبدأ به، وحكي عنه انه جعل جزأ في فداء الاسرى، وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد بل يجوز صرفه في جهات البر كلها لأن اللفظ للعموم فيجب حمله على عمومه ولا يجوز تخصيص العموم بغير دليل وربما كان غير هذه الجهات أحوج من بعضها وأحق وقد تدعو الحاجة إلى تكفين ميت وإصلاح طريق وفك أسير وإعتاق رقبة وقضاء دين وإغاثة ملهوف أكثر من دعائها إلى حج من لا يجب عليه الحج فيكلف وجوب ما لم يكن عليه واجبا وتعبا كان الله قد أراحه منه من غيره مصلحة تعود على أحد من خلق الله فتقديم هذا على ما مصلحته ظاهرة والحاجة إليه داعية بغير دليل تحكم لا معنى له
(٥٥٩)