ذلك لا يؤثر في العادة وهو فاضل عن حاجة صاحب النهر، فاما ما يؤثر فيه كسقي الماشية الكثيرة ونحو ذلك فإن فضل الماء عن حاجة عن صاحبه لزمه بذله لذلك وان لم يفضل لم يلزمه وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع.
(فصل) إذا كان النهر أو الساقية مشتركا بين جماعة فإن أرادوا إكراءه أو سد باق فيه أو اصلاح حائطه أو شئ منه كان ذلك عليهم على حسب ملكهم فيه فإن كان بعضهم أدنى إلى أوله من بعض اشترك الكل في اكرائه واصلاحه إلى أن يصلوا إلى الأول ثم لا شئ على الأول ويشترك الباقون حتى يصلوا إلى الثاني ثم يشترك من بعده كذلك كلما انتهى العمل إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شئ وبهذا قال الشافعي وحكى ذلك عن أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يشترك جميعهم في اكرائه كله لأنهم ينتفعون بجميعه فإن ما جاوز الأول مصب لمائه وان لم يسق أرضه ولنا أن الأول إنما ينتفع بالماء الذي في موضع شربه وما بعده إنما يختص بالانتفاع به من دونه فلا يشاركهم في مؤنته كما لا يشاركهم في نفعه فإن كان يفضل عن جميعهم منه ما يحتاج إلى مصرف فمؤنة ذلك المصرف على جميعهم لأنهم يشتركون في الحاجة إليه والانتفاع به فكانت مؤنته عليهم كلهم كأوله.