وإذا قال ضع ثلثي حيث ير بك الله فله صرفه في أي جهة من جهات القرب رأى وضعه فيها عملا بمقتضى وصيته وذكر القاضي أنه يجب صرفه إلى الفقراء والمساكين، والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع، فإن لم يكن فإلى جيرانه. وقال أصحاب الشافعي: يجب ذلك لأنه رده إلى اجتهاده فيما فيه الحظ وهذا أحظ ولنا انه قد يرى غير هذا أعم منه وأصلح فلا يجوز تقييده بالتحكم. ونقل أبو داود عن أحمد انه سئل عز وجل أوصى بثلثه في المساكين وله أقارب محاويج لم يوص لهم بشئ ولم يرثوا فإنه يبدأ بهم فإنهم أحق، قال وسئل عن النصراني يوصي بثلثه للفقراء من المسلمين أيعطى اخوته وهم فقراء؟ قال نعم هم أحق يعطون خمسون درهما لا يزادون على ذلك، يعني لا يزاد كل واحد منهم على ذلك لأنه القدر الذي يحصل به الغنى {مسألة} قال (وإذا وصى أن يحج يمنه بخمسمائة فما فضل رد في الحج وجملته انه إذا أوصى أن يحج بمنه بقدر من المال وجب صرف جميع ذلك في الحج إذا حمله الثلث لأنه وصى بجميعه في جهة قربة فوجب صرفه فيها كما لو وصى به في سبيل الله، وليس للولي أن يصرف إلى من يحج أكثر من نفقة أمثل لأنه أطلق له التصرف في المعاوضة فاقتضى ذلك عوض المثل كالوكيل في البيع ثم لا يخلو اما أن يكون بقدر نفقة المثل لحجة واحدة فيصرف فيها أو ناقصا عنها فيحج به من حيث يبلغ في ظاهر منصوص أحمد، فإنه قال في رواية حنبل في رجل أوصى أن يحج عنه ولا تبلغ النفقة فقال يحج عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من أهل مدينته، وهذا قول العنبري وقال القاضي يعازبه في الحج وهو قول سوار القاضي حكاه عنه العنبري، وعن أحمد انه مخير في ذلك، قال في رواية أبي داود في امرأة أوصت بحج لا يجب عليها أرى أن يؤخذ ثلث مالها فيعان به في الحج أو يحج من حيث يبلغ (الحال الثالث) أن يفضل عن الحجة فيدفع في حجة ثانية ثم في ثالثه
(٥٦٠)