(فصل) قال أحمد في رواية أبي داود في مسجد أراد أهله رفعه من الأرض ويجعل تحته سقاية وحوانيت فامتنع بعضهم من ذلك: فينظر إلى قول أكثرهم واختلف أصحابنا في تأويل كلام أحمد فذهب ابن حامد إلى أن هذا في مسجد أراد أهله انشاءه ابتداء واختلفوا كيف يعمل؟ وسماه مسجدا قبل بنائه تجوزا لأن مآله إليه اما بعد كونه مسجدا لا يجوز جعله سقاية ولا حوانيت، وذهب القاضي إلى ظاهر اللفظ وهو أنه كان مسجدا فأراد أهله رفعه وجعل ما تحته سقاية لحاجتهم إلى ذلك والأول أصح وأولى، وإن خالف الظاهر فإن المسجد لا يجوز نقله وابداله وبيع ساحته وجعلها سقاية وحوانيت الا عند تعذر الانتفاع به، والحاجة إلى سقاية وحوانيت لا تعطل نفع المسجد فلا يجوز صرفه في ذلك ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت لهذه الحاجة لجاز تخريب المسجد وجعله سقاية وحوانيت ويجعل بدله مسجدا في موضع آخر، وقال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه في مسجد ليس بحصين من الكلاب وله منارة فرخص في نقضها وبناء حائط المسجد بها للمصلحة (فصل) ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة نص عليه أحمد وقال إن كانت غرست النخلة بعد أن صار مسجدا فهذه غرست بغير حق فلا أحب الاكل منها ولو قلعها الإمام لجاز وذلك لأن المسجد لم يبن لهذا وإنما بني لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ولان الشجرة تؤذى المسجد وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها ويسقط ورقها في المسجد وثمرها وتسقط عليها العصافير والطير فتبول في المسجد
(٢٢٨)