(فصل) وليس للإمام إقطاع ما لا يجوز احياؤه من المعادن الظاهرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استقطعه أبيض بن حمال الملح الذي بمأرب فقيل يا رسول الله إنما أقطعته الماء العد فارجعه منه ولان في ذلك تضييقا على المسلمين، وفي اقطاع المعادن الباطنة وجهان ذكرناهما فيما مضى (فصل) ولا ينبغي ان يقطع الإمام أحدا من الموات الا ما يمكنه احياؤه لأن في اقطاعه أكثر من ذلك تضييقا على الناس في حق مشترك بينهم بما لا فائدة فيه فإن فعل ثم تبين عجزه عن احيائه استرجعه منه كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ما عجز عنه من عمارته من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصل) في الحمى ومعناه ان يحمي أرضا من الموات يمنع الناس رعي ما فيها من الكلأ ليختص بها دونهم وكانت العرب في الجاهلية تعرف ذلك فكان منهم من إذا انتجع بلدا أوفى بكلب على نشز ثم استعواه ووقف له من كل ناحية من يسمع صوته بالعواء فحيثما انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ويرعى مع العامة فيما سواه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه لما فيه من التضييق على الناس ومنعهم من الانتفاع بشئ لهم فيه حق وروى الصعب بن جثامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا حمى الا لله ولرسوله " رواه أبو داود وقال " الناس شركاء في ثلاث: في الماء والنار والكلأ " رواه الخلال. وليس لأحد من الناس سوى الأئمة أن يحمى لما ذكرنا من الخبر والمعنى فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان له أن يحمي لنفسه وللمسلمين
(١٦٦)