{مسألة} قال (وإن كان صاحبها جعل لمن وجدها شيئا معلوما فله أخذه إن كان التقطها بعد أن بلغه الجعل) وجملة ذلك أن الجعالة في رد الضالة والابق وغيرهما جائزة وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم فيه مخالفا والأصل في ذلك قول الله عز وجل ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم. وروى أبو سعيد أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا حيا من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا هل فيكم راق؟ فقالوا لم تقرونا فلا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا فجعلوا لهم قطيع شياه فجعل رجل يقرأ بأم القرآن وبجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل فأتوهم بالشاة فقالوا لا نأخذها حتى نسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال " وما أدراك انها رقية؟ خذوها واضربوا لي معكم بسهم " رواه البخاري ولان الحاجة تدعو إلي ذلك فإن العمل قد يكون مجهولا كرد الآبق والضالة ونحو ذلك ولا تنعقد الإجارة فيه والحاجة داعية إلى ردهما وقد لا يجد من يتبرع به فدعت الحاجة إلى إباحة بذل الجعل فيه مع جهالة العمل لأنها غير لازمة بخلاف الإجارة ألا ترى أن الإجارة لما كانت لازمة افتقرت إلى تقدير مدة والعقود الجائزة كالشركة والوكالة لا يجب تقدير مدتها ولان الجائزة لكل واحد منهما تركها فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول عنده بخلاف اللازمة. إذا ثبت هذا فإذا قال من رد علي ضالتي أو عبدي الآبق أو خاط لي هذا القميص أو بنى لي هذا الحائط فله كذا وكذا صح وكان عقدا جائزا لكل واحد منهما الرجوع فيه قبل حصول العمل لكن إن رجع الجاعل قبل التلبس
(٣٥٠)