ولنا أن الملك عبارة عن حكم يحصل به تصرف مخصوص، وقد ثبت أن هذه المنفعة المستقبلة كان مالك العين يتصرف فيها كتصرفه في العين فلما أجرها صار المستأجر مالكا للتصرف فيها كما كان يملكه المؤجر فثبت أنها كانت مملوكة لمالك العين ثم انتقلت إلى المستأجر بخلاف الولد والثمرة فإن المستأجر لا يملك التصرف فيها، وقولهم ان المنافع معدومة قلنا هي مقدرة الوجود لأنها جعلت موردا للعقد والعقد لا يرد الا على موجود (فصل) (الحكم الخامس) أن المؤجر يملك الأجرة بمجرد العقد إذا أطلق ولم يشترط المستأجر أجلا كما يملك البائع الثمن بالبيع وبهذا قال الشافعي، وقال مالك وأبو حنيفة لا يملكها بالعقد فلا يستحق المطالبة بها الا يوما بيوم الا أن يشترط تعجيلها. قال أبو حنيفة إلا أن تكون معينة كالثوب والعبد والدار لأن الله تعالى قال (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) فأمر بايتائهن بعد الارتضاع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره " فتوعد على الامتناع من دفع الاجر بعد العمل فدل على أنها حالة الوجوب وروي عنه عليه السلام أنه قال " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، رواه ابن ماجة ولأنه عوض لم يملك معوضه فلم يجب تسليمه كالعوض في العقد الفاسد فإن المنافع معدومة لم تملك ولو ملكت فلم يتسلمها لأنه يتسلمها شيئا فشيئا فلا يجب عليه العوض مع تعذر التسليم في العقد
(١٤)