(فصل) يجوز الاستئجار لحفر الآبار والأنهار والقني لأنها منفعة معلومة يجوز أن يتطوع بها الرجل على غيره فجاز عقد الإجارة عليه كالخدمة، ولا بد من تقدير العمل بمدة أو عمل معين فإن قيده بمدة نحو أن يقول استأجرتك شهرا لتحفر لي بئرا أو نهرا لم يحتج إلى معرفة القدر، وعليه أن يحفر ذلك الشهر قليلا حفر أو كثيرا، ويحتاج إلى معرفة الأرض التي يحفر فيها، وقال بعض أصحابنا لا يحتاج إلى معرفتها لأن الغرض يختلف بذلك، والأول أولى إن شاء الله لأن الأرض قد تكون صلبة فيكون الحفر عليه شاقا، وقد تكون سهلة فيسهل ذلك عليه، وان قدره بالعمل فلابد من معرفة الموضع بالمشاهدة لأن المواضع تختلف بالسهولة والصلابة ولا ينضبط ذلك بالصفة، ويعرف دور البئر وعمقها وطول النهر وعمقه وعرضه لأن العمل يختلف بذلك فإذا حفر بئرا فعليه شيل التراب لأنه لا يمكنه الحفر إلا بذلك فقد تضمنه العقد فإن تهور تراب من جانبيها أو سقطت فيه بهيمة أو نحو ذلك لم يلزمه شيله وكان على صاحب البئر لأنه سقط فيها من ملكه ولم يتضمن عقد الإجارة رفعه، وان وصل إلى صخرة أو جماد يمنع الحفر لم يلزمه حفره لأن ذلك مخالف لما شاهده من الأرض وإنما اعتبرت مشاهدة الأرض لأنها تختلف، فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهدة كان له الخيار في الفسخ فإذا فسخ كان له من الاجر بحصة ما عمل فيقسط الاجر على ما بقي وما عمل، فيقال كم أجر ما عمل؟ وكم أجر ما بقي؟
ويقسط الاجر المسمى عليهما، ولا يجوز تقسيطه على عدد الأذرع لأن أعلى البئر يسهل نقل التراب منه وأسفله يشق ذلك فيه، وان نبع ما يمنعه من الحفر فهو بمنزلة الصخرة على ما ذكرنا (فصل) ويجوز الاستئجار لضرب اللبن لما ذكرنا ويكون على مدة أو عمل فإن قدره بالعمل