صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني العقيق وهو يعلم أنه بين عمارة المدينة، ولأنه موات لم يتعلق به مصلحة العامر فجاز احياؤه كالبعيد (والرواية الثانية) لا يجوز احياؤه، وبه قال أبو حنيفة والليث لأنه في مظنة تعلق المصلحة به فإنه يحتمل أن يحتاج إلى فتح باب في حائطه إلى فنائه ويحمله طريق أو يخرب حائطه فيضع آلات البناء في فنائه وغير ذلك ولم يجز تفويت ذلك عليه بخلاف البعيد إذا ثبت هذا فإنه لا حد يفصل بين القريب والبعيد سوى العرف، وقال الليث: حده غلوة وهي خمس خمس الفرسخ. وقال أبو حنيفة: حد البعيد هو الذي إذا وقف الرحل في أدناه فصاح بأعلى صوته لم يسمع أدنى أهل المصر إليه ولنا أن التحديد لا يعرف الا بالتوقيف ولا يعرف بالرأي والتحكم ولم يرد من الشرع لذلك تحديد فوجب أن يرجع في ذلك إلى العرف كالقبض والاحراز. وقول من حدد هذا تحكم بغير دليل وليس ذلك أولى من تحديده بشئ آخر كميل ونصف ميل ونحو ذلك، وهذا التحديد الذي ذكراه والله أعلم مختص بما قرب من المصر أو القرية ولا يجوز أن يكون حدا لكل ما قرب من عامر لأنه يفضي إلى أن من أحيا أرضا في موات حرم احياء شئ من ذلك الموات على غيره ما لم يخرج عن ذلك الحد (فصل) وجميع البلاد فيما ذكرناه سواء المفتوح عنوة كأرض الشام والعراق وما أسلم أهله عليه
(١٥٢)