صلى الله عليه وسلم معدن الملح بمأرب فأقطعنيه، فقيل يا رسول الله انه بمنزله الماء العد يعني انه لا يقطع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فلا اذن " ولان هذا تتعلق به مصالح المسلمين العامة فلم يجز احياؤه ولا اقطاعه كمشارع الماء وطرقات المسلمين، قال ابن عقيل هذا من مواد الله الكريم وفيض جوده الذي لا غناء عنه فلو ملكه أحد بالاحتجاز ملك منعه فضاق على الناس فإن أخذ العوض عنه أغلاه فخرج عن الموضع الذي وضعه الله من تعميم ذوي الحوائج من غير كلفة وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه مخالفا (فصل) فأما المعادن الباطنة وهي التي لا يوصل إليها إلا بالعمل والمؤنة كمعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والبلور والفيروزج فإذا كانت ظاهرة لم تملك أيضا بالاحياء لما ذكرنا في التي قبلها، وإن لم تكن ظاهرة فحفرها انسان وأظهرها لم تملك بذلك في ظاهر المذهب وظاهر مذهب الشافعي، ويحتمل أن يملكها بذلك وهو قول للشافعي لأنه موات لا ينتفع به إلا بالعمل والمؤنة فملك بالاحياء كالأرض ولأنه باظهاره تهيأ للانتفاع به من غير حاجة إلى تكرار ذلك العمل فأشبه الأرض إذا جاءها بماء أو حاطها، ووجه الأول ان الاحياء الذي يملك به هو العمارة التي تهيأ بها المحيي للانتفاع من غير تكرار عمل وهذا حفر وتخريبه يحتاج إلى تكرار عند كل انتفاع فإن قبل فلو احتفر بئرا ملكها وملك حريمها قلنا البئر تهيأت للانتفاع بها من غير تجديد حفر ولا عمارة وهذا المعادن تحتاج عند كل انتفاع إلى عمل وعمارة فافترقا. قال أصحابنا وليس للإمام اقطاعها
(١٥٧)