وهذا أولي فإن هذا الماء محرم لا قيمة له فلم يجز أخذ العوض عنه كالميتة والدم وهو مجهول فأشبه اللبن في الضرع، فأما من أجازه فينبغي أن بوقع العقد على العمل ويقدره بمرة أو مرتين أو أكثر وقيل يقع العقد على مدة وهذا بعيد لأن من أراد إطراق فرسه مرة فقدره بمدة تزيد على قدر الفعل لم يمكن استيعابها به وان اقتصر على مقداره فربما لا يحصل الفعل فيه ويتعذر أيضا ضبط مقدار الفعل فيتعين التقدير بالفعل الا أن يكتري فحلا لاطراق ماشية كثيرة كفحل بتركه في إبله أو تيس في غنمه فإن هذا إنما يكترى مدة معلومة، والمذهب انه لا تجوز إجارته فإن احتاج انسان إلى ذلك ولم يجد من يطرق له جاز له أن يبذل الكراء وليس للمطرق أخذه، قال عطاء لا يأخذ عليه شيئا ولا بأس أن يعطيه إذا لم يجد من يطرق له، ولان ذلك بذل مال لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها فجاز كشراء الأسير ورشوة الظالم ليدفع ظلمه، وإن أطرق انسان فحله بغير إجارة ولا شرط فأهديت له هدية أو أكرم بكرامة لذلك فلا باس به لأنه فعل معروفا فجازت مجازاته عليه كما لو أهدي هدية (فصل) [القسم الثاني] ما منفعته محرمة كالزنا والزمر والنوح والغناء فلا يجوز الاستئجار لفعله وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه وأبو ثور وكره ذلك الشعبي والنخعي لأنه محرم فلم يجز الاستئجار عليه كإجارة أمته للزنا، ولا يجوز استئجار كاتب ليكتب له غناء ونوحا، وقال أبو حنيفة يجوز
(١٣٤)