ولنا قول الله تعالى اخبارا عن شعيب عليه السلام أنه قال (على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك) وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم على نسخه دليل، ولان ما جاز العقد عليه سنة جاز أكثر منها كالبيع والنكاح والمساقاة والتقدير بسنة وثلاثين تحكم لا دليل عليه وليس ذلك أولى من التقدير بزيادة عليه أو نقصان منه، وإذا استأجره سنين لم يحتج إلى تقسيط الاجر على كل سنة في ظاهر كلام أحمد كما لو استأجر سنة لم يفتقر إلى تقسيط أجر كل شهر بالاتفاق ولو استأجر شهرا لم يفتقر إلى تقسيط أجر كل يوم، ولان المنفعة كالأعيان في البيع ولو اشتملت الصفقة على أعيان لم يلزمه تقدير ثمن كل عين كذلك ههنا. وقال الشافعي في أحد قوليه كقولنا وفي الآخر يفتقر إلى تقسيط أجر كل سنة لأن المنافع تختلف باختلاف السنين فلا يأمن أن ينفسخ العقد فلا يعلم بم يرجع وهذا يبطل بالشهور فإنه لا يفتقر إلى تقسيط الاجر عليها مع الاحتمال الذي ذكروه (فصل) والإجارة على ضربين (أحدهما) أن يعقدها على مدة (الثاني) أن يعقدها على عمل معلوم كبناء حائط وخياطة قميص وحمل إلى موضع معين فإذا كان المستأجر مما له عمل كالحيوان جاز فيه الوجهان لأن له عملا تتقدر منافعه به، وإن لم يكن له عمل كالدار والأرض لم يجز إلا على مدة، ومتى تقدرت المدة لم يجز تقدير العمل وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي لأن الجمع بينهما يزيدها غررا لأنه قد يفرغ من العمل قبل انقضاء المدة فإن استعمل في بقية المدة فقد زاد على ما وقع عليه العقد،
(٨)