عرف ذلك فمن كانت له ضالة فإنه يجئ إلى موضع الضوال فإذا عرف ضالته أقام البينة عليها وأخذها ولا يكتفى فيها بالصفة لأنها ظاهرة بين الناس فيعرف صفاتها من رآها من غير أهلها فلا تكون الصفة لها دليلا على ملكه لها، ولان الضالة قد كانت ظاهرة بين الناس حين كانت في يد مالكها فلا يختص هو بمعرفة صفاتها دون غيره فلم يكن ذلك دليلا ويمكنه إقامة البينة عليها لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إياها (فصل) وان أخذها غير الإمام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لم يجز له ذلك ولزمه ضمانها لأنه لا ولاية له على صاحبها وهذا ظاهر مذهب الشافعي ولأصحابه وجه ان له أخذها لحفظها قياسا على الإمام، ولا يصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع أخذها من غير تفريق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط ولا يصح القياس على الإمام لأن له ولاية وهذا لا ولاية له، وان وجدها في موضع يخاف عليها به مثل أن يجدها بأرض مسبعة يغلب على الظن أن الأسد يفترسها ان تركت به أو فرسا من دار الحرب يخاف عليها من أهلها أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين كواد التيم أو في برية لا ماء بها ولا مرعى فالأولى جواز أخذها للحفظ ولا ضمان على آخذها لأن فيه انقاذها من الهلاك فأشبه تخليصها من غرق أو حريق، فإذا حصلت في يده سلمها إلى نائب الإمام وبرئ من ضمانها ولا يملكها بالتعريف لأن الشرع لم يرد بذلك فيها (فصل) وما يحصل عند الإمام من الضوال فإنه يشهد عليها ويضمها بأنها ضالة ثم إن كان له حمى ترعى فيه تركها فيه إن رأى ذلك، وان رأى المصلحة في بيعها وحفظ ثمنها أو لم يكن له حمى
(٣٧٠)