فأشبه ما لو تبرعا بعمله. ولنا أن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول فصار كنقد البلد وكما لو دخل حماما أو جلس في سفينة مع ملاح ولان شاهد الحال يقتضيه فصار كالتعريض، فاما ان لم يكونا منتصبين لذلك لم يستحقا أجرا الا بعقد أو شرط العوض أو تعريض به لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد فصار كما لو تبرع به أو عمله بغير إذن مالكه ولو دفع ثوبا إلى رجل ليبيعه فالحكم فيه كالحكم في القصار والخياط: إن كان منتصبا يبيع للناس باجر فله أجر مثله، نص عليه أحمد وان لم يكن كذلك فلا شئ له لما تقدم، ومتى دفع ثوبه إلى أحد هؤلاء ولم يقاطعه على أجر فله أجر المثل لأن الثياب تختلف أجرتها ولم يعين شيئا فجرى مجرى الإجارة الفاسدة فإن تلف الثوب من حرزه أو بغير فعله فلا ضمان عليه لأن ما لا يضمن في العقد الصحيح لا يضمن في فاسده وان تلف من فعله بتخريقه أو دقه ضمنه لأنه إذا ضمنه بذلك في العقد الصحيح ففي الفاسد أولى، وقال أحمد فيمن دفع ثوبا إلى قصار ليقصره ولم يقطع له أجرا بل قال أنا أعطيك كما تعطى وهلك الثوب فإن كان بخرق أو نحوه مما لا تجنيه يده فلا ضمان عليه بين الكراء أو لم يبين والعلة في ذلك ما ذكرناه (فصل) إذا استأجر رجلا لحمل له كتابا إلى مكة أو غيرها إلى صاحب له فحمله فوجد صاحبه غائبا فرده استحق الاجر بحمله في الذهاب والرد لأنه حمله في الذهاب باذن صاحبه صريحا وفي الرد تضمينا لأن تقدير كلامه وإن لم تجد صاحبه فرده إذ ليس سوى رده الا تضييعه فقد علم أنه لا يرضي تضييعه فتعين رده والله أعلم
(١٤٦)