(فصل) وإن أكراها للغراس ففيه ما ذكرنا من المسائل إلا أن له أن يزرعها لأن ضرر الزرع أقل من ضرر الغراس وهو من جنسه لأن كل واحد منهما يضر بباطن الأرض، وليس له البناء لأن ضرره مخالف لضرره فإنه يضر بظاهر الأرض، وان أكراها للزرع لم يكن له الغرس ولا البناء لأن ضرر الغرس أكثر، وضرر البناء مخالف لضرره، وإن أكراها للبناء لم يكن له الغرس ولا الزرع لأن ضررهما يخالف ضرره (فصل) ولا تخلوا الأرض من قسمين (أحدهما) أن يكون له ماء دائم إما من نهر لم تجر العادة بانقطاعه أولا ينقطع إلا مدة لا يؤثر في الزرع أو من عين نابعة أو بركة من مياه الأمطار يجتمع فيها ثم يسقى به أو من بئر يقوم بكفايتها أو ما يشرب بعروقه لنداوة الأرض وقرب الماء الذي تحت الأرض فهذا كله دائم، وصح استئجارها للغرس والزرع بغير خلاف علمناه، وكذلك الأرض التي تشرب من مياه الأمطار ويكتفي بالمعتاد منه لأن ذلك بحكم العادة ولا ينقطع الا نادرا فهو كسائر الصور المذكورة (الثاني) أن لا يكون لها ماء دائم وهي نوعان (أحدهما) ما يشرب من زيادة معتادة تأتي في وقت الحاجة كأرض مصر الشاربة من زيادة النيل وما يشرب من زيادة الفرات وأشباهه، وأرض البصرة الشاربة من المد والجزر وأرض دمشق الشاربة من زيادة بردأ وما يشرب من الأودية الجارية من ماء المطر فهذه تصح إجارتها قبل وجود الماء الذي تسقى به وبعده وحكى ابن الصباغ ذلك مذهبا للشافعي وقال أصحابه ان أكراها بعد الزيادة صح ولا يصح قبلها لأنها معدومة لا نعلم هل يقدر عليها أو لا
(٦١)