وأبلغ من هذا أن الحاكم لو رأى حكمه بخطه تحنه ختمه ولم يذكر أنه حكم به أو رأى الشاهد شهادته بخطه ولم يذكر الشهادة لم يجز للحاكم انفاذ الحكم بما وجده ولا للشاهد الشهادة بما رأى خطه به فههنا أولى، وقد نص أحمد على هذا في الشهادة، ووجه قول الخرقي قول النبي صلى الله عليه وسلم " ما من امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده " ولم يذكر شهادته وما ذكرنا ه في الفصل الأول الذي يلي هذا، ولان الوصية يتسامح فيها ولهذا صح تعليقها على الخطر والغرر وصحت للحمل به وبما لا يقدر على تسليمه وبالمعدوم والمجهول فجاز أن يتسامح فيها بقبول الخط كرواية الحديث (فصل) وإن كتب وصيته وقال اشهدوا علي بما في هذه الورقة أو قال هذه وصيتي فاشهدوا علي بها فقد حكي عن أحمد أن الرجل إذا كتب وصيته وختم عليها وقال للشهود اشهدوا علي بما في هذا الكتاب لا يجوز حتى يسمعوا منه ما فيه أو يقرأ عليه فيقر بما فيه وهو قول من سمينا في المسألة الأولى ويحتمل كلام الخرقي جوازه لأنه إذا قبل خطه المجرد فهذا أولى، وممن قال ذلك عبد الملك بن يعلى ومكحول ونمير بن إبراهيم ومالك والليث والأوزاعي ومحمد بن مسلمة وأبو عبيد وإسحاق واحتج أو عبيد بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله وأمرائه في أمر ولايته وأحكامه وسننه ثم ما عملت به الخلفاء الراشدون المهديون بعده من كتبهم إلى ولاتهم بالأحكام التي فيها الدماء والفروج والأموال يبعثون بها مختومة لا يعلم حاملها ما فيها وأمضوها على وجوهها وذكر استخلاف سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز بكتاب كتبه وختم عليه ولا نعلم أحدا أنكر ذلك مع شهرته وانتشاره في علماء العصر فكان اجماعا ووجه الأول انه كتاب لا يعلم الشاهد ما فيه فلم يجز أن يشهد عليه ككتاب القاضي إلى
(٤٨٩)