أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فاكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره " والاخبار في هذا كثيرة. واجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة الا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال لا يجوز ذلك لأنه غرر يعني انه بعقد على منافع لم تخلق وهذا غلط لا يمنع انعقاد الاجماع الذي سبق في الاعصار. وسار في الأمصار، والعبرة أيضا دالة عليها فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز العقد على الأعيان وجب أن تجوز الإجارة على المنافع، ولا يخفى ما بالناس من الحاجة إلى ذلك فإنه ليس لكل أحد دار يملكها ولا يقدر كل مسافر على بعير أو دابة يملكها ولا يلزم أصحاب الاملاك إسكانهم وحملهم تطوعا، وكذلك أصحاب الصنائع يعملون باجر ولا يمكن كل أحد عمل ذلك ولا يجد متطوعا به فلا بد من الإجارة لذلك بل ذلك مما جعله الله طريقا للرزق حتى أن أكثر المكاسب بالصنائع، وما ذكره من الغرر لا يلتفت إليه مع ما ذكرنا من الحاجة فإن العقد على المنافع لا يمكن بعد وجودها لأنها تتلف بمضي الساعات فلا بد من العقد عليها قبل وجودها كالسلم في الأعيان (فصل واشتقاق الإجارة من الاجر وهو العوض قال الله تعالى (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) ومنه سمي الثواب أجرا لأن الله تعالى يعوض العبد به على طاعته أو صبره عن مصيبته (فصل) وهي نوع من البيع لأنها تمليك من كل واحد منهما لصاحبه فهي بيع المنافع والمنافع بمنزلة بمنزلة الأعيان لأنه يصح تمليكها في حال الحياة وبعد الموت وتضمن باليد والاتلاف ويكون عوضها عينا ودينا، وإنما اختصت
(٣)