وروي عن أحمد أنه لا يملك فإن جماعة نقلوا عنه فيمن وقف على ورثته في مرضه يجوز لأنه لا يباع ولا يورث ولا يصير ملكا للورثة وإنما ينتفعون بغلتها وهذا يدل بظاهره على أنهم لا يملكون ويحتمل أن يريد بقوله لا يملكون أي لا يملكون التصرف في الرقبة فإن فائدة الملك وآثاره ثابتة في الوقف وعن الشافعي من الاختلاف نحو ما حكيناه، وقال أبو حنيفة لا ينتقل الملك في الوقف اللازم بل يكون حقا لله تعالى لأنه إزالة ملك عن العين والمنفعة على وجه القربة بتمليك المنفعة فانتقل الملك إلى الله تعالى كالعتق ولنا أنه سبب يزيل ملك الواقف وجد إلى من يصح تمليكه على وجه لم يخرج المال عن ماليته فوجب أن ينقل الملك إليه كالهبة والبيع، ولأنه لو كان تمليك المنفعة المجردة لم يلزم كالعارية والسكنى ولم يزل ملك الواقف عنه كالعارية ويفارق العتق فإنه أخرجه عن المالية وامتناع التصرف في الرقبة لا يمنع الملك كأم الولد (فصل) وألفاظ الوقف ستة ثلاثة صريحة وثلاثة كناية: فالصريحة وقفت وحبست وسبلت متى أتى بواحدة من هذه الثلاث صار وقفا من غير انضمام أمر زائد لأن هذه الألفاظ ثبت لها عرف الاستعمال بين الناس وانضم إلى ذلك عرف الشرع بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر " إن شئت حبست أصلها وسبلت ثمرتها فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق وأما الكناية فهي تصدقت وحرمت وأبدت فليست صريحة لأن لفظة الصدقة والتحريم مشتركة
(١٩٠)