(فصل فيما تجوز إجارته) تجوز إجارة كل عين يمكن أن ينتفع بها منفعة مباحة مع بقائها بحكم الأصل كالأرض والدار والعبد والبهيمة والثياب والفساطيط والحبال والخيام والمحامل والسرج واللجام والسيف والرمح وأشباه ذلك وقد ذكرنا كثيرا مما تجوز إجارته في مواضعه وتجوز إجارة الحلي نص عليه أحمد في رواية ابنه عبد الله وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وروي عن أحمد أنه قال في إجارة الحلي ما أدري ما هو؟ قال القاضي هو محمول على إجارته بأجرة من جنسه فاما بغير جنسه فلا باس به لتصريح أحمد بجوازه وقال مالك في إجارة الحلي والثياب ما هو من المشتبهات ولعله يذهب إلى أن المقصود بذلك الزينة وليس ذلك من المقاصد الأصلية ومن منع ذلك بأجر من جنسه فقد احتج له بأنها تحتك بالاستعمال فيذهب منها أجزاء وان كانت يسيرة فيحصل الاجر في مقابلتها ومقابلة الانتفاع بها فيقضي إلى بيع ذهب بذهب وشئ آخر ولنا أنها عين ينتفع بها منفعة مباحة مقصودة مع بقاء عينها فأشبهت سائر ما تجوز إجارته والزينة من المقاصد الأصلية فإن الله تعالى أمتن بها علينا بقوله تعالى (لتركبوها وزينة) وقال تعالى (قال من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) وأباح الله تعالى من التحلي واللباس للنساء ما حرمه على الرجال لحاجتهن إلى التزين للأزواج وأسقط الزكاة عن حليهن معونة لهن على اقتنائه وما ذكروه من نقصها بالاحتكاك لا يصح لأن ذلك يسير لا يقابل بعوض ولا يكاد يظهر في وزن ولو ظهر فالاجر في مقابلة الانتفاع لا في مقابلة الاجزاء لأن الاجر في الإجارة إنما هو عوض
(١٢٩)