أشد منه في الصحراء (الثاني) أن يمسكها على صاحبها وينفق عليها من ماله ولا يتملكها، وان أحب أن ينفق عليها محتسبا بالنفقة على مالكها وأشهد على ذلك فهل له أن يرجع بالنفقة على روايتين:
(إحداهما) يرجع به نص عليه في رواية المروذي في طيرة أفرخت عند قوم فقضي أن الفراخ لصاحب الطيرة ويرجع بالعلف إذا لم يكن متطوعا، وقضى عمر بن عبد العزيز فيمن وجد ضالة فأنفق عليها وجاء ربها بأنه يغرم له ما أنفق وذلك لأنه أنفق على اللقطة لحفظها فكان من مال صاحبها كمؤنة الرطب والعنب (والرواية الثانية) لا يرجع بشئ وهو قول الشعبي والشافعي ولم يعجب الشعبي قضاء عمر بن عبد العزيز لأنه أنفق على مال غيره بغير اذنه فلم يرجع كما لو بنى داره، ويفارق العنب والرطب فإنه ربما كان تجفيفه والانفاق عليه في ذلك أحظ لصاحبه لأن النفقة لا تتكرر والحيوان يتكرر الانفاق عليه فربما استغرق قيمته فكان بيعه أو أكله أحظ فلذلك لم يحتسب المنفق عليها بما أنفق.
(الثالث) أن يبيعها ويحفظ ثمنها لصاحبها وله أن يتولى ذلك بنفسه وقال بعض أصحاب الشافعي يبيعها باذن الإمام.
ولنا أنه إذا جاز له أكلها بغير اذن فبيعها أولى ولم يذكر أصحابنا لها تعريفا في هذه المواضع وهذا قول مالك لحديث زيد بن خالد فإنه صلى الله عليه وسلم قال " خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب " ولم يأمر بتعريفها كما أمر في لقطة الذهب والورق ولنا أنها لقطة لها خطر فوجب تعريفها كالمطعوم الكثير وإنما ترك ذكر تعريفها لأنه ذكرها بعد بيانه التعريف فيما سواها فاستغنى بذلك عن ذكره فيها ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط التعريف كالمطعوم.
(فصل) إذا أكلها ثبتت قيمتها في ذمته ولا يلزمه عزلها لعدم الفائدة في ذلك فإنها لا تنتقل