(فصل) فإن شرط أن لا يستوفي في المنفعة بمثله ولا من هو دونه فقياس قول أصحابنا صحة العقد وبطلان الشرط فإنه قال فيمن شرط أن يزرع في الأرض حنطة ولا يزرع غيرها: يبطل الشرط ويصح العقد، ويحتمل أن يصح الشرط وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأن المستأجر يملك المنافع من جهة المؤجر فلا يملك ما لم يرض به ولأنه قد يكون له غرض في تخصيصه باستيفاء هذه المنفعة، وقالوا في الوجه الآخر يبطل الشرط لأنه ينافي موجب العقد إذ موجبه ملك المنفعة والتسلط على استيفائها بنفسه وبنائبه، واستيفاء بعضها بنفسه وبعضها بنائبه والشرط ينافي ذلك فكان باطلا، وهل يبطل به العقد؟ فيه وجهان أصحهما لا يبطله لأنه لا يؤثر في حق المؤجر نفعا ولا ضرا فألغي وبقي العقد على مقتضاه، والآخر يبطله لأنه ينافي مقتضاه فأشبه ما لو شرط أن لا يستوفي المنافع (فصل) ويجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة إذا قبضها نص عليه أحمد وهو قال سعيد ابن المسيب وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وأبي سليمان بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وذكر القاضي فيه رواية أخرى أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن والمنافع لم تدخل في ضمانه، ولأنه عقد على ما لم يدخل في ضمانه فلم يجز كبيع المكيل والموزون قبل قبضه، والأول أصح لأن قبض العين قام مقام قبض المنافع بدليل أنه يجوز التصرف فيها فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة ويبطل قياس الرواية الأخرى لهذا الأصل. إذا ثبت فإنه لا تجوز
(٥٣)