فرع المعتبر من قولنا، يقع موقعا من كفايته وحاجته، المطعم، والمشرب، والملبس، والمسكن، وسائر ما لا بد منه على ما يليق بالحال، من غير إسراف ولا تقتير للشخص، ولمن هو في نفقته.
فرع سئل الغزالي رحمه الله عن القوي من دهل البيوتات، الذين لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن، هل له أخذ الزكاة؟ قال: نعم، وهذا جار على ما سبق، أن المعتبر حرفة تليق به.
قلت: بقيت مسائل تتعلق بالفقير والمسكين.
إحداها: قال الغزالي في الاحياء: لو كان له كتب فقه، لم تخرجه عن المسكنة، ولا تلزمه زكاة الفطر. وحكم كتبه حكم أثاث البيت، لأنه محتاج إليها، لكن ينبغي أن يحتاط في مهم الحاجة إلى الكتاب. فالكتاب يحتاج إليه لثلاثة أغراض، من التعليم، والتفرج بالمطالعة، والاستفادة. فالتفرج لا يعد حاجة، كاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوها مما لا ينفع في الآخرة، ولا في الدنيا، فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر، ويمنع اسم المسكنة. وأما حاجة التعليم، فإن كان للتكسب، كالمؤدب، والمدرس بأجرة، فهذه آلته، فلا تباع في الفطرة كآلة الخياط، وإن كان يدرس للقيام بفرض الكفاية، لم يبع، ولا تسلبه اسم المسكنة، لأنها حاجة مهمة. وأما حاجة الاستفادة والتعليم من الكتاب، كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه، أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به، فإن كان في البلد طبيب وواعظ، فهو مستغن عن الكتاب. وإن لم يكن، فهو محتاج. ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعته إلا بعد مدة، فينبغي أن تضبط فيقال: ما لا يحتاج إليه في السنة، فهو مستغن عنه. فتقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة، فلا تباع ثياب الشتاء في الصيف، ولا ثياب الصيف في الشتاء، والكتب بالثياب أشبه. وقد يكون له من كتاب نسختان، فلا