وصوت فائق في الحسن والأداء، ولكن كانت فارغة عن الكيفيات والضمائم اللهوية فليست بغناء، حتى إذا فرض أنها توجب تهييج المستمع وتحريكه والتذاذه معنويا. نعم، لو كانت موجبة كذلك جنسيا لم يجز استماعها، لا من جهة أنها غناء، بل من جهة أن استماعها يوجب إثارة الجنس وتهييج الشهوة، وعلى هذا فتجوز قراءة القرآن أو الدعاء بصوت جميل وبلهجة فصيحة وبليغة، فإنها ليست بغناء ما دامت خالية عن الضمائم اللهوية. نعم، لا يجوز استماعها لمن يؤثر في نفسه جنسيا ويحرك شهوته، ويجوز لمن لا يؤثر في نفسه كذلك وإن أثر فيها معنويا، وبكلمة: أن صدق الغناء على صوت في العرف العام مرتبط بأن يكون ذلك الصوت بكيفية ولهجة خاصة في الأداء والحركات، وهي الكيفية اللهوية، وهو بهذه الكيفية واللهجة غناء عرفا ومناسب لمجالس اللهو واللعب دون غيرها، ولا فرق في ذلك بين أن تكون تلك اللهجة بصوت جميل وحسن أو لا تكون، كما أنه لافرق بين أن يكون المضمون مضمونا عقلانيا أولا؛ لأن المعيار في صدق الغناء إنما هو بالكيفيات والضمائم لا بالصوت بما هو ولا بالمضمون، وقد تسأل: أن قراءة شعر أو نثر يرتبط بالقضايا العشقية كالغزل إذا لم تكن بالكيفية اللهوية فهل تجوز أو لا؟
الجواب: أن الجواز غير بعيد، إذا لم يكن هناك محذور آخر كالتكلم بالباطل ونحوه، ولكن قد يؤثر المضمون اللهوي في تحقق الغناء عرفا، إذا كانت قرائته بصوت ولهجة مهيجة محركة، وإن لم تكن بكيفية لهوية مناسبة لمجالس اللهو واللعب، بحيث لو كان مضمون المقروء عقلانيا كالقرآن أو الدعاء أو نحوهما لا لهويا، لم تكن قرائته بهذا الصوت واللهجة غناء عرفا، وأما استماعها إذا لم يصدق عليها الغناء، فإن كان موجبا لتهييج الشهوة وإثارتها لم يجز، وإلا فلا مانع منه، ومع ذلك فرعاية الاحتياط بالترك أولى وأجدر، ويستثنى من ذلك