عدى: لا بل سالم غانم. فقال له المراديان: ما قلت هذا إلا لشر في نفسك، وإنك لنعرفك يا عيزار برأي القوم، فلا تفارقنا حتى نذهب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فنخبره خبرك، فلم يكن بأوشك أن جاء على (عليه السلام) فأخبراه خبره وقالا: يا أمير المؤمنين إنه يرى رأي القوم قد عرفناه بذلك، فقال: ما يحل لنا دمه ولكنا نحبسه. فقال عدى بن حاتم: يا أمير المؤمنين، ادفعه إلى وأنا أضمن أن لا يأتيك من قبله مكروه، فدفعه اليه. " (1) أقول: ولعل الخبر يدل على جواز السجن بالاتهامات السياسية، فتأمل.
فهذه ما عثرنا عليه من الأخبار في المسألة.
إذا عرفت هذا فنقول: إن مقتضى الأصل الأولي عدم جواز التعرض للشخص بمجرد التهمة، فإنه مخالف لحريته وسلطته على نفسه، ولأصالة البراءة. فالجواز يحتاج إلى دليل متقن. ومورد معتبرة السكوني هو خصوص الدم، فلا تدل على الجواز في غيره. و رواية بهز بن حكيم على فرض صدورها قضية في واقعة خاصة، فلا إطلاق لها ولا نعرف موردها. ومقتضى خبر الدعائم عدم الجواز في غير تهمة الدم، ولكن لم تثبت حجيته. و خبر الغفاريين مورده المال. والخبر الأخير مورده النشاط السياسي أو البغي، ولكن لم تثبت حجيتهما. وكيف كان، فيشكل الأمر في غير الدم.
ولكن يمكن أن يقال: إن حفظ نظام المسلمين وكيانهم، وكذا حفظ أموالهم و حقوقهم أمران مهمان عند الشرع، وهما يتوقفان كثيرا على القبض على المتهمين و حبسهم بداعي الكشف والتحقيق إذا كانوا في معرض الفرار. فالقول بعدم الجواز لذلك يوجب ضياع الحقوق والأموال واختلال النظم، ولا سيما إذا غلب الفساد على الزمان و أهله.
فالظاهر هو الجواز إذا كان الأمر مهما معتنى به عرفا، بحيث يكون احتماله