أقول: المذكور في بعض ما مر من الروايات أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يأمر أن يقسم ماله بينهم، فإن أبى باعه فيقسم. وظاهر هذا تصدي نفس المديون للبيع، فإن أبى باعه الإمام. وهو الأحوط اللهم إلا أن لا يرضى به الغرماء ولا يعتمدوا عليه، فيحجره الحاكم عن التصرف مطلقا حتى عن البيع لأداء الدين.
المسألة الثانية:
قال في الخلاف (المسألة 15 من التفليس):
" إذا أفلس من عليه الدين وكان ما في يده لا يفي بقضاء ديونه فإنه لا يؤاجر ليكتسب ويدفع إلى الغرماء، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ومالك وأكثر الفقهاء. وقال أحمد و إسحاق وعمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن الحسن العنبري وسوار بن عبد الله القاضي إنه يؤاجر ويؤخذ أجرته فتقسم بين غرمائه.
دليلنا أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على وجوب إجارته وتكسبه، وأيضا قوله - تعالى -: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، ولم يأمر بالكسب. " (1) أقول: لا مجال لأصل البراءة، إذ أداء الدين واجب مع الإمكان. ولو توقف العمل بهذا الواجب على قبول المديون للاستيجار والاستعمال وكان الشخص ممن يعتاد هذا و لا يشق عليه فالقواعد تقتضي وجوب القبول، وهذا أحد طرق استفادة المال. ولعل قوله:
" فيخلى سبيله حتى يستفيد مالا " لايراد به إلا تخليته من السجن، فلا ينافي جواز استيجاره واستعماله. والقدرة على تحصيل المال بالعمل المناسب لشأنه بلا مشقة عرفية تعد ميسرة عرفا، ولذا تحرم عليه الزكاة، فلا ينافي استيجاره واستعماله لمفاد الآية الشريفة.
ومقتضى معتبرة السكوني جواز استيجار الغرماء واستعمالهم إياه، فلا يصح