اللهم إلا أن يقال إن مباني مسائل الفقه بحسب السهولة والغموض مختلفة، ولعل استنباط بعض المسائل يتوقف على إدراك بعض المباني الصعبة الدقيقة والإحاطة بها، و بعضها يبتني على المباني السهلة الساذجة، والأفراد بحسب مراتب الإدراك مختلفون فيمكن التجزي والتبعيض. وتحقيق البحث موكول إلى محل آخر.
وكيف كان فاستدل في الكفاية لكفاية التجزي بخبر أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام):
" انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه. " (1) ولا يعارضه المقبولة الظاهرة في اعتبار الاجتهاد المطلق بمنطوقها بل بمفهومها، فيقدم منطوق خبر أبي خديجة على مفهوم المقبولة لكونه أظهر. وإن شئت قلت: إنه يخصص إطلاق مفهوم المقبولة بمنطوق الخبر.
ولكن يرد على ذلك أولا أن إطلاق الخبر يقتضي كفاية التجزي وإن تمكنا من المجتهد المطلق.
وثانيا أن خبر أبي خديجة ورد بنقل آخر وفيه: " اجعلوا بينكم رجلا ممن قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته قاضيا. " (2) وظاهره اعتبار الاجتهاد المطلق كالمقبولة.
وكون النقلين روايتين مستقلتين صادرتين حتى يؤخذ بكل منهما مشكل، إذ من المحتمل قريبا كونهما رواية واحدة وقع الاختلاف فيها من ناحية الرواة. فلا مجال للاستدلال بها للمقام، فيرجع إلى الأصل في المسألة، ومقتضاه عدم الكفاية.