الرباع فحكم الحاكم بالخروج من الثلث أو الأصل أو حرمان الزوجة وعدم حرمانها ليس أزيد من بيان الحكم الإلهي الثابت له من طرف الشرع. وعلى هذا فالمقبولة ترتبط بباب الاستفتاء والإفتاء لا القضاء المشتمل على إعمال الولاية.
نعم، في الاختلاف الموضوعي يتصور إعمال الولاية، كما لو اختلف المتنازعان في مال وكان أحدهما مدعيا والآخر منكرا فتفصل الخصومة بقضاء الحاكم بعد إقامة البينة أو اليمين وينفذ القضاء فيها حتى في حق من يقطع بالخلاف، إذ الواقع غير مشخص للقاضي والمقصود فيها رفع النزاع والتخاصم بالموازين المشروعة.
هذا مضافا إلى أنه إذا فرضنا كون الاختلاف في الحكم الشرعي الكلي فكيف يمكن المراجعة فيه إلى الحاكم مع اختلاف الحاكم والمحكوم عليه بحسب الاختلاف في الحجة الشرعية اجتهادا أو تقليدا؟ وكيف ينفذ حكم الحاكم في حق من يراه باطلا بحسب اجتهاده أو تقليده؟ والمذكور في المقبولة أنه إذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله، والمحكوم عليه في الشبهة الحكمية ربما لا يرى الحكم حكمهم (عليهم السلام) بل على خلاف حكمهم.
ويمكن أن يقرر الإشكال بوجه ثالث، وهو أن الظاهر من الرواية كون الموضوع لوجوب القبول والتسليم تشخيص كون الحكم حكمهم - عليهم السلام -. والظاهر من ذلك تشخيص المتنازعين واعتقادهما لا تشخيص الحاكم واعتقاده، وإذا فرض تشخيصهما لذلك كان الإلزام من هذه الناحية لامن ناحية حكم الحاكم، فلا يكون حكمه إلا من قبيل الأمر بالمعروف لامن باب إعمال الولاية. ولا يفرق فيه بين أن يكون الحاكم مجتهدا مطلقا أو متجزيا أو مقلدا، إذ المتخاصمان لا يأخذان إلا بما ثبت كونه حكم الله بنظرهما واعتقادهما. وكيف كان فالمقبولة ترتبط بباب الإفتاء لا بباب القضاء.
فإن قلت: قوله: " فإني قد جعلته عليكم حاكما " ظاهر في جعل المنصب، فلا يناسب باب الإفتاء.
قلت: لعل الجعل هنا بمعنى القول والتعريف، كما مر عن لسان العرب عن الزجاج في قوله - تعالى -: " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا "،