وكذا المقبولة ونحوها يكفي في الردع عنها.
وبالجملة قد تحصل لك مما مر بطوله أن القضاء أولا وبالذات لله - تعالى - ولرسله و للأوصياء. وثبوته لغيرهم يحتاج إلى دليل. والأصل عدم نفوذه إلا من أهله. والقدر المتيقن ممن ثبت له في عصر الغيبة هم الفقهاء. ويشهد لذلك المقبولة والمشهورة و غيرهما من الأدلة.
والاحتياط الذي يحكم به العقل والشرع في باب الدماء والأموال والأعراض أيضا يقتضي رعاية هذا الشرط.
وقد ترى أن شريحا مع سابقته في أمر القضاء اشترط عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه:
ففي صحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لما ولى أمير المؤمنين (عليه السلام) شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه. " (1) فهو - عليه السلام - كان يلتفت إلى أهمية أمر القضاء، وأن له ارتباطا عميقا بالنفوس المحترمة والأعراض والأموال فتجب الدقة والاحتياط فيها.
وعلى هذا فإذا لم يوجد قضاة مجتهدون واجدون للشرائط بقدر المحاكم الدارجة كما لعله كذلك في عصرنا فالأحوط إن لم يكن أقوى تصدي بعض من يقدر ويطلع على موازين القضاء إجمالا ولو عن تقليد لأمر التحقيق وتهية المقدمات، ثم يحال القضاء و الحكم الجازم إلى القاضي المجتهد الواجد للشرائط. ويجب على المجتهدين التصدي لذلك وقبوله بقدر الكفاية، كما هو واضح. هذا.
ولكن لو لم يتيسر ذلك بأي علة كان فلا يبعد أن يقال إنه حيث لا يتصور حكومة إسلامية بدون سلطة القضاء وربما كان ضرر تعطيل القضاء وإهماله كثيرا جدا بحيث يخاف منه على بيضة الإسلام وكيان المسلمين ففي هذه الصورة يجوز بل يجب على الفقيه المتصدي للحكومة الإسلامية نصب بعض الملتزمين المحتاطين ممن