ثيابها عن الصادق (عليه السلام) أمر السائل بالقضاء بينهم بما ذكره الإمام - عليه السلام -. وإنما شدة الإنكار في النصوص على المعرضين عنهم المستغنين عنهم بآرائهم وقياساتهم.
قال الحلبي: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): " ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منا؟ فقال: ليس هو ذاك. إنما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط. " (1) ولو سلم عدم ما يدل على الإذن فليس في شيء من النصوص ما يدل على عدم جواز الإذن لهم في ذلك.
بل قد يدعى أن الموجودين في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن أمر بالترافع إليهم قاصرون عن مرتبة الاجتهاد، وإنما يقضون بين الناس بما سمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونصب خصوص المجتهد في زمان الغيبة بناء على ظهور النصوص فيه لا يقتضي عدم جواز نصب الغير. ويمكن بناء ذلك - بل لعله الظاهر - على إرادة النصب العام في كل شيء على وجه يكون له ما للإمام - عليه السلام -. وحينئذ فتظهر ثمرة ذلك بناء على عموم هذه الرياسة أن للمجتهد نصب مقلده للقضاء بين الناس بفتاواه التي هي حلالهم و حرامهم.
وأما دعوى الإجماع التي قد سمعتها فلم أتحققها، بل لعل المحقق عندنا خلافها خصوصا بعد أن حكى في التنقيح عن المبسوط أقوالا ثلاثة: أولها جواز كونه عاميا و يستفتي الفقهاء ويقضي بفتواهم، بناء على كون فتاوى المجتهد أحكامهم - عليهم السلام - فالقضاء حينئذ بها.
خصوصا إذا قلنا أن القضاء في زمن الغيبة من باب الأحكام الشرعية لا النصب القضائي، وأن ذلك هو المراد من قوله (عليه السلام): " جعلته قاضيا وحاكما. " فإن الفصل بها حينئذ من المقلد كالفصل بها من المجتهد. إذ الجميع مرجعه إلى القضاء بين الناس بحكم أهل البيت، والله العالم. " (2)