النار. " (1) وفي نهج البلاغة في صفة من يتصدى للقضاء وليس أهلا له: " ورجل قمش جهلا موضع في جهال الأمة، عاد في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة. قد سماه أشباه الناس عالما وليس به. بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ضامنا ما التبس على غيره.
فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ: فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب.
جاهل خباط جهالات عاش ركاب عشوات. لم يعض على العلم بضرس قاطع.
يذري الروايات إذراء الريح الهشيم. لا ملئ - والله - بإصدار ما ورد عليه ولا هو أهل لما فوض إليه. لا يحسب العلم في شيء مما أنكره، ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا لغيره. وإن أظلم أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه. تصرخ من جور قضائه الدماء، و تعج منه المواريث. " (2) وروى نحوه الكليني في الكافي، فراجع. (3) أقول: قمش جهلا: جمعه. موضع فيهم: أي مسرع. والأغباش جمع الغبش بالتحريك:
الظلمات. عاد فيها: أي مسرع فيها. وروى غار بالتشديد، أي غافل. عم بما في عقد الهدنة: جاهل بمصالح السكون والدعة. ويحتمل أن يراد أنه غافل عما في التسامح و التساهل من المفاسد والمضار، ولعله أظهر. الآجن: الماء المتغير. الحشو: فضل الكلام. و الرث: الخلق البالي. والخباط، مبالغة الخابط: السائر على غير هدى. والعاشي: الأعمى أو ضعيف البصر. والعشوة: ركوب الأمر على غير هدى. والهشيم: ما يبس من النبت و تفتت. والعج: رفع الصوت.