الحج عليه فمن أسقطه بالموت فعليه الدليل، ويعارض المخالف به بخبر الخثعمية لأنه عليه السلام سمي الحج دينا وأكده على دين الآدمي بقوله: فدين الله أحق أن يقضي، والدين يخرج من أصل التركة ويقدم على الميراث.
ومن نذر الحج وعليه حجة الاسلام لزمه أداء الحجتين لأنهما فرضان اختلف سببهما، فلا يسقط أحدهما بفعل الآخر وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة يقتضي ما اخترناه ولا يجري ذلك مجرى ما يتداخل من الحدود والكفارات لأنها عقوبات، فجاز سقوط بعضها بفعل بعض وما نحن فيه مصالح وعبادات يفتقر بصحة أدائها إلى النية وإنما لامرئ ما نوى، ومن كان فقيرا وبذلت له الاستطاعة لزمه الحج لإجماع الطائفة وظاهر قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت... الآية.
ومن صد بعدو أو أحصر بمعرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك، فإن كان قارنا أنفذ هديه، وإن كان متمتعا أو مفردا أنفذ ما يبتاع به الهدي، فإذا بلغ محله وهو يوم النحر فليحلق رأسه ويحل إن كان مصدودا بعدو من كل شئ أحرم منه، وإن كان محصورا بمرض تحلل من كل شئ إلا النساء حتى يطوف طوافهن من قابل أو يطاف عنه والدليل على ذلك الاجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، وذلك عام في المرض والعدو معا، وليس لأحد أن يقول: الآية خاصة في الإحصار بالعدو لأنها نزلت بسبب صد المشركين عام الحديبية للنبي ص وللمسلمين عن البيت لأن الكلام إذا خرج على سبب لم يجز قصره عليه، بل يجب حمله على عمومه وإدخال السبب فيه على ما بيناه فيما مضى من أصول الفقه ويؤيد ذلك في هذا الموضع أنه تعالى لو أراد الإحصار بالعدو خاصة، لقال: فإن حصرتم لأنه اللفظ المختص بالعدو دون المرض ولم يقل أحصرتم من الإحصار المشترك بينهما.
قال الكسائي والفراء وأبو عبيدة وثعلب وأكثر أهل اللغة: يقال أحصره المرض لا غير وحصره العدو وأحصره أيضا وليس لأحد أن يقول: قوله تعالى في سياق الآية فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة دليل على أنه أراد الإحصار بالعدو ولأن الأمن قد يكون من المرض وهو أن يأمن زيارته على أن لفظ الإحصار إذا كان حقيقة في المرض والعدو كان قوله تعالى: