وأما اشتراط الايمان فلما دل من الأخبار على شرطيته في العبادات بعد الفراغ عن كون الكفارة منها، واللازم في العبادة نية القربة على المشهور، وقد يقال في تصحيح العبادية الاتيان بالشئ مع الخضوع أو شدته وللكلام فيه محل آخر.
وأما لزوم التعيين فهو المعروف إذا اجتمعت أجناس مختلفة على المكلف مماثلة كما لو كان عليه كفارة ظهار وقتل خطأ أو مختلفة كأحدهما مع كفارة اليمين، و استدل عليه بتوقف صدق الامتثال عليه عقلا وعرفا فإذا تعدد سبب العتق مثلا فليس المكلف مأمورا بعتق رقبتين بل هو مأمور بعتقين أحدهما للظهار والآخر للقتل مثلا، فلا بد من امتثال كل منهما ولا يحصل إلا بملاحظة خصوص كل منهما.
ويمكن أن يقال: لازم هذا لزوم التعيين مع عدم الاختلاف كما لو فات صوم أيام من رمضان كأن أفطر يومين متعمدا فيوجب إفطار يوم كفارة ويوجب افطار يوم آخر كفارة أخرى ولا يلتزمون بلزوم التعيين، وما ذكر من توقف صدق الامتثال على التعيين ممنوع ألا ترى أنه لو طلب المولى من عبده ماء بقصد غسل الوجه، ثم طلب مقدارا آخر للشرب فأتى العبد بإنائين لغسل الوجه والشرب ولم يعين أيهما للغسل والآخر للشرب فهل يشك في تحقق الامتثال فلا يبقى الشك ومع فرض الشك في تحقق الامتثال قد يقال بلزوم الاحتياط لتحقق الشك في ما هو واجب عقلا فلا يشتمل حديث الرفع لمثله وهو ممنوع ولتمام الكلام فيه محل آخر.
تم كتاب الكفارات ويليه كتاب الاقرار.