يكون التعلق بها يمنع العاقلية والمعقولية ويكون عالمها عالم الجهل والغفله والموت والشر إذ العلم عبارة عن حضور شئ عند شئ فما لا حضور عنده لشئ لا علم له بذلك الشئ فبقدر ضعف الوجود يكون قله العلم وما يلزمه وزيادة الجهل وما يصحبه فعالميه المقداريات والمتكممات على نسبه وجودها ثم أضعف المقادير والمتصلات وجودا غير القار منها كالزمان وحركه حيث لا يسعها الاجتماع في آن واحد من الزمان كما لا يسع للقار منها الاجتماع في حد واحد من المكان وهذا كلام وقع في البين ليس هاهنا موضع تبيينه وتحقيقة ولعلنا نرجع اليه في مستأنف القول بزيادة توضيح وتتميم إن شاء الله العزيز فالغرض هاهنا ان تذكر ان الوجود من حيث هو وجود مؤثر ومعشوق على الاطلاق كما مر سابقا فالوجود لما كان خيرا حقيقيا فإذا صادفه شئ حفظه وامسكه عشقا وإذا فقده طلبه شوقا.
والأصل الرابع ان معنى الشوق هو طلب كمال ما هو حاصل بوجه غير حاصل بوجه فان العادم لامر ما رأسا لا يشتاقه ولا يطلبه إذ الشوق للمعدوم المحض والطلب للمجهول المطلق مستحيل وكذا الواجد لامر ما لا يشتاقه ولا يطلبه لاستحالة تحصيل الحاصل فالواجب سبحانه إذ هو من فضيله الوجود في غاية التمام وهو برئ من انحاء النقص مقدس عن شوائب القصور في الوجود والذات فمحال ان يلحقه تشوق إلى شئ ويعتريه طلب وحركه إلى تمام وكمال بل لكونه تام الوجود وفوق التمام يليق به ان يشتاق اليه ويعشقه كل من سواه وكذا العقول الفعالة لكونها مفطوره على كمالاتها مجبولة على فضائلها التي يليق بمرتبه كل منها ماثله بين يدي قيومها مشاهده لجمال مبدعها وجاعلها مغترفه من بحر الخير والوجود ومنبع الفيض والجود بقدر حوصله ذواتها ووعاء وجوداتها وما يوجد من الخيرات الواردة منها على العالم الأدنى ليس مما يزيدها فضيله وكرامه بل هي جوائز وعطايا ومواهب نازله منها إلى السوافل ورشحات فائضه منها على الأواني من غير التفات